للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجا لمن تكلم فيهِ، فإنهم ينتقون من حديثه … » (١).

ومن الأضرار والمفاسد التي تنجم عن استخدام مصطلح: (على شرط الشيخين)، أو (على شرط أحدهما)، هوَ تصحيح جميع الأحاديث المروية عن الرجال الذينَ أخرجا لهم مجتمعينِ أو منفردينِ وهو أمر خطير، إذ ليس جميع الأحاديث التي رجالها رجال الشيخين ترتقي إلى هذه المرتبة، بل ربما كانَ منها ما هوَ مُعَلّ بعلل قادحة، سواء كانت ظاهرة أم خفية.

ومع كل ما ذكر: فإنَّ بعضهم يتساهل في مجرد كونهم من رواة الشيخين، ولا يبالي بكيفية تخريج الشيخين للرواة، أعني: برواية الواحد عن الآخر، كمن خلط في رواية هشيم، عن الزهري، وصحح على مقتضاها بأنَّها على شرط الشيخين، والصحيح أنَّ البخاري ومسلماً لم يخرجا عن الزهري من طريق هشيم، وكذلك سماك، عن عكرمة، وأمثال ذَلِكَ كثير مما حصل فيهِ خطأ وخلط للمتأخرين غير قليل، قال الحافظ ابن عبد الهادي: «واعلم أنَّ كثيراً ما يروي أصحاب الصحيح حديث الرجل عن شيخ معين لخصوصيته به ومعرفته بحديثه وضبطه له، ولا يخرجون حديثه عن غيره؛ لكونه غير مشهور بالرواية عنه، ولا معروف بضبط حديثه، أو لغير ذلك، فيجيء من لا تحقيق عنده فيرى ذلك الرجلَ المخرَّج له في الصحيح قد روى حديثاً عمن خُرِّج له في الصحيح من غير طريق ذلك الرجل فيقول: هذا على شرط الشيخين، أو: على شرط البخاري، أو: على شرط مسلم؛ لأنهما احتجا بذلك الرجل في الجملة، وهذا فيه نوعُ تساهلٍ؛ فإنَّ صاحبي الصحيح لم يحتجا به إلا في شيخ معين لا في غيره، فلا يكون على شرطهما .. » (٢).

ومن أعظم المفاسد لاستخدام مصطلح «على شرط الشيخين»، أننا سنقوم بإلغاء مبدأ الانتقاء، ثم نقوم بتصحيح أحاديث مَنْ في حفظهم شيءٌ من رجال الصحيحين؛ لذا ربما أتى المتأخر فصحح أحاديث هؤلاء وغيرهم بحجة


(١) " نصب الراية " ١/ ٣٤١.
(٢) " الصارم المنكي ": ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>