للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم على شرط الشيخين، وهذا بلا شك مخالف لصنيع المتقدمين؛ بل هوَ نسف لقواعدهم.

٧ - هناك أمور أخرى مما اختلف فيه المتأخرون عن المتقدمين مثل الانقطاع، فالمتأخرون يحكمون على كل حديث منقطع بالضعف، بخلاف المتقدمين فإنَّهم يولونه عناية كبيرة.

وكذا رواية المجهول، فالمتأخرون يردون مجهول العين ويقبلون مجهول الحال في الغالب ولهم في ذلك كلام، أما المتقدمون فلا يقبلونه مطلقاً ولا يردونه مطلقاً ولا يجعلون مجرد الجهالة علة للحديث. وهكذا رواية المبتدع، فالمتأخرون - ولاسيما المعاصرين (١) - لا يقبلون رواية المبتدع، بخلاف المتقدمين فهم يقبلون روايته مطلقاً (٢).

هذا والنتائج المترتبة على الاختلاف بين منهجي المتقدمين والمتأخرين عظيمة، وهي خطر على سنة النبي .

وتجدر الإشارة إلى أنَّ هناك دعوة إلى نبذ قواعد المتأخرين في مصطلح الحديث والأخذ من كتب المتقدمين (٣)؛ لأنَّ الإخلال بمنهج المتقدمين مرده إلى قصورٍ في الفهم أو تركه على سبيل القصد والتعمد، وهذا أيضاً غلوٌ وإسراف؛ إذ لا بد من الإفادة من جهود المتأخرين والمعاصرين، وإنَّ من لوازم الإبداع العلمي هو أن يبدأ الإنسان من حيث انتهى غيره، لا أن يبدأ من حيث بدؤوا مع ضرورة الموازنة والمقارنة بين كلام المتقدمين والمتأخرين.

إذن لزمنا أن نتبع المنهج العلمي الذي سار عليهِ جهابذة هذا الفن من أهل الحديث من العلماء الأوائل أصحاب القرون الأولى الذين حفظوا لنا


(١) في الاسم الواقع بعد (ولا سيما) أعاريب، فإن كان نكرة جاز فيه ثلاثة وجوه: (الرفع، والجر، والنصب)، أما إنْ كان ما بعدها معرفة جاز فيه وجهان: (الرفع، والجر) ويمتنع النصب؛ لأنَّ التمييز لا يكون معرفة. انظر: " معجم الشوارد النحوية ": ٣٣٤.
(٢) انظر: مقال الشيخ سليمان العلوان: ٢ - ٣.
(٣) انظر: مقال الشيخ عبد الكريم الخضير: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>