للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يولج"، وهذا نظر عميق من البخاري في إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة، وإنَّ سبب الوهم الذي دخل على هشام إنَّما كان بسبب رواية عبد الله بن سعيد المتروك، وقد وافق البخاريَ على هذا الإعلال الإمامُ النَّسائيُ، فقد قال: "وقفه عطاء"، ثم ذكر الرواية الموقوفة، وقد خالف الشيخ ناصر الدين الألباني ذلك فصحح الحديث في تعليقه على " صحيح ابن خزيمة " معتمدًا على متابعة حفص بن غياث - وهي عند ابن ماجه، والحاكم، والبيهقي - لعيسى بن يونس، قال: "وإنَّما قال البخاري وغيره: بأنَّه غير محفوظ لظنهم أنَّه تفرد به عيسى بن يونس، عن هشام".

قلت: وهذا بعيد جدًّا؛ لأنَّه يستبعد عن الأئمة الحفاظ السابقين الذين حفظوا مئات الألوف من الأسانيد أنَّهم لم يطّلعوا على هذه المتابعة، فأصدروا هذا الحكم، بل إنَّ العلة عندهم هي وَهْم هشام لا تفرد عيسى بن يونس كما صرّح به البخاريُ في " تاريخه "؛ وقد تقدم قول عيسى بن يونس في توهيم هشام ونقله عن أهل البصرة ذلك، وإقرار الدارمي ذلك، ومما يدل على أنَّ المتابعة التي ذكرها الشيخ الألباني معروفة لديهم ثم أنَّ أبا داود الذي سأل الإمام أحمد بن حَنْبل عن حديث هشام قد أشار إلى متابعة حفص لعيسى، إذ قال: "ورواه أيضًا حفص بن غياث، عن هشام مثله".

إذن فإعلال جهابذة المحدّثين ومنهم أحمد، والبخاري، والدارمي، والنسائي - وهُم من هم في الحفظ والإتقان - لا ينفعه ولا يضره تصحيح المتأخرين.

وللحديث روايات معلولة لا تصح، منها:

ما رواه عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، مرفوعًا.

أخرجه: ابن أبي شيبة (٩٢٧٣)، وأبو يعلى (٦٦٠٤)، والدارقطني ٢/ ١٨٣ و ١٨٤ ط. العلمية و (٢٢٧٥) و (٢٢٧٦) ط. الرسالة من طرق عن عبد الله بن سعيد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>