للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريفٌ، وشأنٌ جليلٌ، لا يحيط به إلا من هذّب نفسه بمتابعة أوامر الشرع ونواهيه، وأزال الزيغ عن قلبه ولسانه، وله أصولٌ وأحكامٌ وقواعد وأوضاعٌ واصطلاحات ذكرها العلماء، وشرحها المحدّثون والفقهاء، يحتاج طالبُه إلى معرفتها، والوقوف عليها بعد تقديم معرفة اللغة والإعراب، اللذين هما أصلٌ لمعرفة الحديث، لورود الشريعة المطهرة بلسان العرب. وتلك الأشياء: كالعلم بالرجال، وأساميهم، وأنسابهم، وأعمارهم، ووقت وفاتهم، والعلم بصفات الرواة، وشرائطهم التي يجوز معها قبول روايتهم، والعلم بمستند الرواة، وكيفية أخذهم الحديث، وتقسيم طرقه، والعلم بلفظ الرواة وإيرادهم ما سمعوه، وإيصاله إلى من يأخذه عنهم، وذكر مراتبه والعلم بجواز نقل الحديث بالمعنى، ورواية بعضه والزيادة فيه، والإضافة إليه ما ليس منه، وانفراد الثقة بزيادة فيه. والعلم بالمسند وشرائطه والعالي منه والنازل، والعلم بالمرسل وانقسامه إلى المنقطع والموقوف والمعضل وغير ذلك واختلاف الناس في قبوله ورده، والعلم بالجرح والتعديل، وجوازهما ووقوعهما، وبيان طبقات المجروحين والعلم بأقسام الصحيح من الحديث والكذب (١)، وانقسام الخبر إليهما وإلى الغريب والحسن وغيرهما، والعلم بأخبار التواتر والآحاد، والناسخ والمنسوخ وغير ذلك (٢)

مما تواضع عليه أئمة الحديث، وهو بينهم متعارف، فمن أتقنها أتى دار هذا العلم من بابها، وأحاط بها من جميع جهاتها، وبقدر ما يفوته منها تنزل عن الغاية درجتُهُ، وتنحط عن النهاية رتبته، إلا أنَّ معرفة التواتر والآحاد، والناسخ والمنسوخ، وإنْ تعلقت بعلم الحديث -


(١) في المطبوع: «والكاذب» وهو غير مستقيم.
(٢) فمن أقحم نفسه في زمرة أهل الحديث، ولم يحُصِّل ما ذكر أو غالب ما ذكر، ثم عمد إلى إعلال الأحاديث خرج بمقدمات لانتائج لها، وبنى على غير أساس، وأساء من غير إفادة، وربما نقش قبل تثبيت العرش .. والعلماء حذروا من ذلك غاية التحذير؛ لأن الحكم على الحديث له أهمية في الشرع، فالسنة مصدر مهم من مصادر الأحكام يستنبط من صحيحها الحلال والحرام، فإدخال شيء إلى السنة ليس منها أو نفي شيء منها أمر تترتب عليه تبعات خطيرة أمام الله، نسأل الله السلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>