للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا الرواية وظاهرها الصحة، إلا أنَّ جهابذة المحدّثين قَدْ عدوها غلطًا من جرير بن حازم، خطّأه في هذا أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وقال البيهقي: "والمحفوظ عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن عائشة،

مرسلًا" (١).

ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن منصور الرمادي (٢) قال: "قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فقال لي: من روى هذا؟ قلت: ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك، فقال: مثلك يقول مثل هذا!، حدّثنا: حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري: أنَّ عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين" (٣).

وقد أشار النسائي كذلك إلى خطأ جرير (٤).

فهؤلاء أربعة من أئمة الحديث أشاروا إلى خطأ جرير بن حازم في هذا الحديث، وعدم إقامته لإسناده.

ولم يرتض ابن حزم هذه التخطئة، وأجاب عن ذلك فقال: "لم يخفَ علينا قول من قال: إنَّ جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر، إلا أنَّ هذا ليس بشيء؛ لأنَّ جريرًا ثقةٌ، ودعوى الخطأ باطل إلا أنْ يقيم المدعي له برهانًا (٥) على صحة دعواه، وليس انفراد جرير بإسناده علة؛ لأنَّه ثقةٌ" (٦).

ويجاب عن كلام ابن حزم: بأنْ ليس كل ما رواه الثقة صحيحًا، بل يكون فيه الصحيح وغيره؛ لذا فإنَّ الشذوذ والعلة إنَّما يكونان في حديث الثقة؛


(١) " السنن الكبرى " ٤/ ٢٨١.
(٢) هُوَ أحمد بن مَنْصُوْر بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر: ثقةٌ، توفي سنة (٢٦٥ هـ).
انظر: " تهذيب الكمال " ١/ ٨٣ (١١٠)، و" العبر " ٢/ ٣٦، و" التقريب " (١١٣).
(٣) " السنن الكبرى " ٤/ ٢٨١.
(٤) انظر: " تحفة الأشراف " ١١/ ٨٧٣ (١٧٩٤٥)، وهو موجود في " السنن الكبرى " إلا أنَّ الذي جعلنا نحيل إلى التحفة أنَّ المزي قد شرح كلام النسائي وبينه.
(٥) في المطبوع: (برهان).
(٦) " المحلى " ٦/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>