للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيهقي ٢/ ٤٣٥: «حديث الثوري مرسل، وقد روي موصولاً وليس بشيء».

وتابع الثوري على إرسال الحديث سفيانُ بنُ عيينة عند الشافعي في "مسنده " (١٧٤) بتحقيقي وفي " الأم "، له ١/ ٩٢ وفي ط. الوفاء ٢/ ٢٠٥ - ٢٠٦، ومن طريقه البيهقي في " المعرفة " (١٢٨٥) ط. العلمية و (٥٠٨١) ط. الوعي فرواه عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، به مرسلاً.

إلا أنَّ الشافعي رواه عن ابن عيينة مرة أخرى - في " السنن المأثورة " (١٨٦) التي هي من رواية المزني عنه - متصلاً بمثل رواية حماد بن سلمة ومن تابعه. وقال الشافعيُّ: «وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما: منقطع (١)، والآخر: عن أبي سعيد الخدري، عن النَّبيِّ ».

وهذا الاختلاف في رواية ابن عيينة سببه الشافعي كما هو واضح في كلامه ، فلا يعتد برواية ابن عيينة كمتابع للثوري بسبب هذا الاختلاف، إلا أنَّ ابن عبد البر ذكر في " التمهيد " ٢/ ٣٩٨ أنَّ ابن عيينة روى الحديث مرسلاً، هكذا قال مطلقاً ولم يذكر أنَّ ابن عيينة رواه متصلاً أيضاً، فلعله لم يقف على رواية الشافعي الثانية أو أنَّه وقف على مرجح يجزم من خلاله أنَّ الصواب عن ابن عيينة مرسل.

بقي أنْ نعرف هل الصواب في هذا الحديث الوصل كما في رواية حماد ومن تابعه، أو هو مرسلٌ كما هو عند الثوري؟.

إنَّ الحكم في هذا إذا كان استناداً إلى قواعد الترجيح المعتمدة، وعلى


(١) ونستفيد من كلام الشافعي هنا أنَّه سمى المرسل منقطعاً، وهذا على المعنى العام من الانقطاع فكل حديث غير متصل فهو منقطع سواء كان الانقطاع في أول الإسناد أو في آخره أو في وسطه وما أشبه ذلك، لكن استقرت الاصطلاحات أنَّ الانقطاع إذا كان في أول الإسناد يسمى معلقاً، وإذا كان في آخره يسمى مرسلاً، وغير ذلك فهو منقطع إذا كان بواحد ومعضل إذا كان باثنين على التوالي، وما استقر عليه الاصطلاح أنفع للناس لتفاضل ما بين المنقطعات. وكان نحو هذا الإطلاق إطلاق كلمة مرسل على كل انقطاع سواء كان الانقطاع في أوله أو في آخره أو في وسطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>