للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليقظة، وَلَمْ ينهض بِهِ إلا الحفاظ الحاذقون قَالَ ابن الصَّلَاحِ: «هَذَا فنٌ جليلٌ إنَّما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ» (١).

ولا بد من الإشارة إلى أنَّ عصور التدوين الأُول كان رسم الحروف فيها متشابهاً، وكانت غالب الحروف بلا نقط، فضلاً عن أمور أخرى تعتري الراوي من السرعة في القراءة، وعدم المبالاة وقلة التركيز، وغيرها كثير تهجم على قلب الراوي، فينشأ من ذلك الوهم، ويقع الراوي في شَرَك التصحيف أو التحريف، أقول هذا الكلام وكُتُبُنا اليوم تحفل بالعناية من جلد الكتاب الذي يحمل أنواعاً من الزخارف والرتوش التي تبهر العيون إلى طيات الكتاب فترى النص مُشْكَلاً واضحاً، مُفرَّقة أسطره، مبيضة أوراقه، خدمة للباحثين، وحرصاً على توضيح ما يستلزم التوضيح، كل ذلك ونرى طلبة العلم قد جعلوا كتبهم طريحة المناضد، دفينة التراب، ومنعوا منها صدورهم، ولم تملّ منها عيونهم، وإنما الفخر باقتناء هذا الكتاب أو ذاك.

والسبب في وقوع التصحيف إنَّما يحصل غالباً للآخذ من الصحف وبطون الكتب، دون تلق للحديث عن أستاذ (٢) من ذوي الاختصاص؛ لِذَلِكَ


(١) " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث ": ٤٤٨ بتحقيقي.
(٢) لفظ معرّب، بمعنى المعلم أو الماهر في الصناعة يُعلِّمها غيره. " المعجم الوسيط " (الأستاذ).

<<  <  ج: ص:  >  >>