للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما روايته عن ابن عمر فقال البخاريُّ في " التاريخ الكبير " ٢/ ١٩٨ (٢٢٣٩): «سمع ابن عمر» ثم أعقبه بـ: «قال أحمد، عن أبي بكر بن عيّاش، عن جميل: هذه أحاديث ابن عمر، ما سمعتُ من ابن عمر شيئاً إنَّما قالوا: اكتب أحاديث ابن عمر، فقدمت المدينة فكتبتها»، وكذا نقل العقيلي ٢/ ١٩١ عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه فذكره.

وقد يسأل بعضهم فيقول: هذا الحديث يروى عن خمسة من الصحابة، والطرق كافة تُروَى بمعنى ترك ذلك اليمين، وإتيان الأفضل فهو كفارة ذلك اليمين، لتعدد الطرق ألا يوجد لهذا الحديث أصل؟

فنقول: قد تقدم بيان ضعف كل طريق من هذه الطرق وأنَّ الحديث بعبارة: «تركها كفارتها» لم يصح فيها شيء، بل إنَّ الحديث بهذه الطرق إنَّما هو دليل على ضعفه؛ لاشتهاره بين الضعفاء، فلماذا لم يتناقله الثقات وهم أهل هذا الشأن وهم المعوّل عليهم فيه، فتصور حديث يرويه يحيى بن عبيد الله ومن كان بدرجته، يخالف به سليمان بن بلال وأبا حازم وغيرهما من الرواة الثقات. فبرواية من نأخذ؟ فلا شك رواية الثقة أولى خاصة في مثل هكذا باب، والله أعلم.

مثال آخر: روى أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرةَ، قال: سُئلَ عليٌّ عنْ صلاةِ رسول اللهِ ، قال: كانَ يُصلِّي منَ الليلِ سِت عشرةَ ركعةً.

أخرجه: عبد الله بن أحمد في " زياداته على مسند أبيه" ١/ ١٤٥.

أقول: هذا إسناد ظاهره الصحة، إلا أنَّه اختلف فيه على أبي إسحاق، فقد رواه عنه أبو عوانة واختلف عليه، فرواه عنه العباس بن الوليد بن نصر وهو: «ثقة» (١) باللفظ المذكور آنفاً. ورواه عنه أبو كامل الجحدري وهو: «ثقة حافظ» (٢)، عند عبد الله بن أحمد في " زياداته " على " مسند أبيه " ١/ ١٤٢


(١) " التقريب " (٣١٩٣).
(٢) " التقريب " (٥٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>