للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافظ ابن حجر تصحيح الحاكم وتشككه في سماع مجاهد من أم

سلمة (١) بقوله: «وما يمنعه من السماع منها، وقد صحّ سماعه من علي بن أبي طالب، ومات قبلها بعشرين سنة»، وقال العلاّمة أحمد شاكر في تعليقه على " تفسير الطبري " ٨/ ٢٦٢ - ٢٦٣ - فيما نقله عنه محقق " سنن سعيد بن منصور " ٤/ ١٢٣٦ - : «فاختلفت صيغة الرواية عن مجاهد، ففي بعضها: «عن مجاهد قال: قالت أم سلمة»، وفي بعضها: «عن مجاهد، عن أم سلمة: أنها قالت»، فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال؛ لأنَّ معناها: أنَّ مجاهداً يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة للنبيِّ ، فيكون مرسلاً؛ لأنَّه لم يدرك ذلك.

والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال؛ لأنَّ معناها أنَّ مجاهداً يذكر هذه الرواية عن أم سلمة، ثمَّ يختلفون أيضاً في وصله دون حجة، فقد قال الترمذي - بعد روايته: «عن مجاهد، عن أم سلمة»: «هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسلاً: أنَّ أم سلمة، قالت كذا وكذا».

وقال الحاكم - بعد روايته: «عن مجاهد، عن أم سلمة»: «هذا حديث على شرط الشيخين، إنْ كان سمع مجاهد من أم سلمة»، ووافقه الذهبي على تصحيحه (٢)، وأعرض عن تعليله فلم يشر إليه. وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أنَّ الروايتين بمعنى واحد، وإنَّما هو اختلاف في اللفظ من تصرّف الرواة، وكلها بمعنى: «مجاهد، عن أم سلمة». فقد ثبت اللفظان في رواية ابن عيينة، وكذا قد ثبتا في رواية الثوري … وأما حكم الترمذي - في روايته من طريق ابن عيينة - بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقيناً وعاصرها، فإنه ولد سنة ٢١ هـ، وأم سلمة ماتت بعد سنة ٦٠ هـ على اليقين.


(١) وقول الحاكم أنه على شرط الشيخين محض خطأ؛ لأن البخاري ومسلماً لم يخرجا عن أم سلمة من طريق مجاهد، بل ليس في " السنن الأربعة " سوى هذا الحديث من هذه السلسلة. انظر
: " تحفة الأشراف " ١٢/ ١٢١ (١٨٢١٠).
(٢) هذا الاصطلاح لا نوافق عليه، وقد مر لنا نحوه مراراً فبينا فيه عدم صلاحية هذا المصطلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>