للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والحديث معلولٌ بثلاث علل:

الأولى: أنَّ ابن جريج مدلس، وقد عنعن ولم يصرِّح بالسماع في أي طريق من هذه الطرق. قال ابن حجر في " طبقات المدلسين " (٨٣): «وَصَفَهُ النَّسائي وغيره بالتدليس، قال الدارقطني: شر التدليس تدليس ابن جريج، فإنَّه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح».

والعلة الثانية: أنَّ سعيد بن محمد فيه جهالة، فقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير " ٤/ ١٠ (١٧١٢)، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ٤/ ٥٧ (٢٥٥) وسكتا عنه، وقال ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام " عقب (٢٠٦٧): «فلا تعرف له حال».

وخالف الجميعَ ابنُ حبان فذكره في " الثقات " ٤/ ٢٩٠ إلا أنَّ هذا الذكر لا يُفرَحُ به؛ لأنَّ منهج ابن حبان معروف بتوثيق المجاهيل.

وأما العلة الثالثة: فإنَّ سماع سعيد بن محمد من عبد الله بن حُبْشي مشكوك فيه، قال الطحاوي في " شرح المشكل" قبيل (٢٩٨١) وفي (تحفة الأخيار) (٤٧٦١): «غير إنَّ هذا الرجل المُخْتَلف في اسمه (١) ليس من المشهورين برواية الحديث، ولم نَجد له ذكراً في غير هذا الحديث، ومثلُ هذا لا يقوم بمَن هذه سبيلُه، ثم حديثُه هذا قد ذكره عن عبد الله بن حُبْشي، ويبعُدُ من القلوب أنْ يكون لقيه؛ لأنا لم نجد شيئاً من حديث عبد الله بن حُبْشي إلا عن مَن سِنُّه فوقَ سِنِّ هذا الرجل وهو عُبيد بن عمير (٢) … »، ونقل البيهقي ٦/ ١٤١ عقب ذكره لعدد من طرق هذا الحديث، عن الإمام أحمد أنَّه قال: «كل ذلك منقطع وضعيف إلا حديث ابن جريج، فإنّي لا أدري هل سمع سعيد


(١) يعني: سعيد بن محمد وإنَّما قال عنه: «المختلف في اسمه»؛ لأنَّ إبراهيم بن مرزوق سماه: «محمد بن سعيد» وقد بينا وهمه.
(٢) في المطبوع: «عمر» وهو تحريف يدل على ذلك قول الطحاوي بعده: «وحديثه عنه في طول القنوت» وعند الرجوع إلى مصادر تخريج هذا الحديث، وجدنا النسائي خرجه في " الكبرى " (٢٣٠٥) من طريق عبيد بن عمير، عنه به، والله أعلم. وانظر: " تهذيب الكمال " ٤/ ١٠٩ (٣٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>