للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليعلم أن العمل بهذا الفن عموماً وخدمة علم العلل خصوصاً داخل في النصيحة لرسول الله قال ابن رجب الحنبلي: «ومن ذلك بيان ما صح من حديث النبي ومالم يصح منه بتبين حال رواته ومن تقبل رواياته ومن لا تقبل، وبيان غلط من غلط من ثقاتهم الذين تقبل رواياتهم» (١) وكلام ابن رجب كلام عظيم ومن قرأه متأملاً كلام النبي في حديث أبي رقية تميم الداري مرفوعاً «الدين النصيحة» (٢) علم أن واجباً على كل مسلم تجاه أحاديث النبي وأن خدمتها واجبة وشرحها وتبليغها للناس أمرٌ مأمور به كما ثبت عنه أنَّه قال: «بلغوا عني ولو آية» ومن أدق النصح لحديث رسول الله بيان العلل التي تخفى على أغلب الناس بله على كثير من العلماء المختصين؛ إذ إننا في زمن الغربة في هذا الفن العظيم.

من هنا شققت لنفسي طريقاً لتكون لي يداً بيضاء ولمسةً طيبةً في خدمة هذا الفن الذي هو من أغمض فنون العلم، وقد مرت عليَّ في هذا الكتاب أيام وساعات عصيبة عانيت ما عانيت فيها في ظل احتلال مقيت وعمالة عمياء، وانفتاح للغرب وسكر للشهوات وحسد حاسد وتسلط كاسد وزمجرة مقلد لكنَّ الله بفضله ومنّه وكرمه قد دفع عني كل شر ونجاني من كل مكر؛ فأحمده حمداً عظيماً مباركاً دائماً أبداً بعدد ما خلق وذرأ وبرأ ونشر وبعدد أنفاس الخلق وحركاتهم، وأسأل الله أنْ يوزعني ويوفقني لأداء شكر نعمته على الوجه الذي يجب.

ومعاناة الاحتلال والوضع المحيط لم يضرني بقدر ما ضرني شحة المصادر وتأخر وصول الكتب المحققة الحديثة لبلدنا الجريح؛ لا سيما وأن


(١) " جامع العلوم والحكم " لابن رجب بتحقيقي الطبعة العراقية ١/ ٢٥٤، وطبعة دار ابن كثير: ٢٠٢ وطبعة دار طيبة: ١٧٩، وهذا التحقيق جعلته وقفاً لله يحق لكل مسلم طبعه، وهو متاح على الشبكة العالمية، وأنا أعاود الآن تزيين هذا الكتاب بفوائد مهمة؛ لأعده لطبعة خيرية جديدة.
(٢) وهو الحديث السابع في " جامع العلوم والحكم " والحديث انظر تخريجه وشرحه كاملاً هناك، وستأتي الإشارة عليه في كتابي هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>