للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يقوي الجزم بإعلال حَدِيث أبي قيس بالتفرد أنه لَمْ يرد مرفوعًا بأحاديث توازي أحاديث المسح على الخفين، فسيأتي أنه لم يرد إلا من حديث أبي موسى وثوبان وبلال، وفي كُلّ واحد منها مقال. أما أحاديث المسح عَلَى الخفين فهي متواترة عن النَّبِيِّ وَقَدْ رَوَاهَا عن النَّبِيِّ أكثر وستين نفسًا ذكرهم الكتاني (١).

وقد أسند ابن المنذر (٢) إلى الحسن البصري قَالَ: "حَدَّثَنِي سبعون من أصحاب النبي أنه: مسح عَلَى الخفين" (٣).


(١) انظر: " نظم المتناثر " ٧١ - ٧٢.
(٢) في " الأوسط " (ث ٤٥٧)، ونقله عن الحسن ابن حجر في " فتح الباري " ١/ ٣٩٩، والزرقاني في شرحه ١/ ١١٣، على أنَّ السند ضعيف، والمتن منكر لغياب هذا العدد من الرواة من الصحابة في كتب الحديث. وانظر: " المراسيل " (٩٥)، و" تهذيب التهذيب " ٢/ ٢٤٤.
(٣) بقي هناك حَدِيْث يراه غَيْر المتأمل متابعاً لحديث أبي قيس، وَهُوَ ما رَوَاهُ أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه: ٧٠٣ - ٧٠٤ (٣٢٧) قَالَ: «حَدَّثَنَا عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن الحسن بن مرداس الواسطي أبو بكر من حفظه إملاءً، قَالَ: سَمِعْتُ أحمد بن سنان، يقول: سَمِعْتُ عَبْد الرحمان بن مهدي، يقول: عندي عن المغيرة بن شعبة ثلاثة عشر حديثاً في المسح عَلَى الخفين. فَقَالَ أحمد الدورقي: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة بن عمرو الزهراني، عن المغيرة بن شعبة: «أنَّ النَّبِيَّ تَوَضَّأ وَمَسَحَ عَلَى الجوربيَنِ والنَّعْلَينِ»، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عنده فاغتم». … وهذه الرِّوَايَة معلة لا تصح لأمور ثلاثة:
الأول: شيخ الإسماعيلي لَمْ أجد مَنْ ترجمه؛ فهو في عداد المجهولين، ويظهر من خلال سياقة ترجمته أنَّ الإسماعيلي ليس لَهُ عَلَيْهِ حكم إِذْ لَمْ يصفه بشيء بِه، وَلَمْ يسق لَهُ سوى هَذَا الْحَدِيْث.
الثاني: إنَّ حديثه مخالف فَقَدْ رَوَاهُ الطبراني في " الكبير " ٢٠/ (١٠٢٩) قَالَ: «حَدَّثَنَا إدريس ابن جعفر العطار، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، قَالَ: أَخْبَرَنَا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة بن عمرو الزهراني، عن المغيرة بن شعبة، قَالَ: كنا مع النَّبِيِّ في مَنْزله فاتبعته فَقَالَ: «أَيْنَ تَرَكْتَ الناسَ؟» فَقُلْتُ: تَرَكْتُهُم بمكانِ كَذَا وكذا، فَأَناخَ راحِلَتَهُ فنَزلَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَتوارى عَنِّي، فَاَحْتَبَس بقَدرِ ما يَقْضي الرَّجُلُ حاجَتَهُ، ثُمَّ جاءَ فَقَالَ: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» قُلْتُ: نَعَم، فَصَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ، وَعَلَيْه جُبَّةٌ شامِيَّةٌ قَدْ ضَاقَتْ يَداها، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الجُبَّةِ، فَرَفَعَها

<<  <  ج: ص:  >  >>