للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وربما يكون هناك اختلاف حقيقي فعلي سببه تعدد الواقعة، فمعلوم أنَّ بعض الحوادث تكررت وتعددت كواقعة السهو في الصلاة. وينبغي لطالب العلم في مثل هذا النظر في حال هذه الروايات المختلفة، والترجيح بأحوال منها: النظر في أحوال الرواة عند تعددها فهم غالباً يتفاوتون في الضبط، وكذلك ينظر إلى العدد فقد يكون الجمع الغفير يتفق على رواية معينةٍ ويخالفهم من هم أقل عدداً. والنظر في ترجيح الأئمة الأوائل لهذه الرواية أو تلك مما ينقل عنهم من إعلال وترجيح وغير ذلك مما هو معلوم لدى الإستقراء (١).

وَقَد اختلفت مناهج الفقهاء والمدارس الفقهية في سلوك مسالك دفع التعارض بَيْنَ الأدلة الشرعية المتكافئة المتعارضة من حَيْثُ الظاهر، فمنهم من يتبين لَهُ وجه جمع بينها، ومنهم من قَد يرى في الجمع تكلفاً فيلجأ إِلَى القول بالنسخ … وهكذا، مِمَّا أدّى إِلَى ظهور خلاف بَيْنَ الفقهاء في استنباط الأحكام الَّتِي دلّت عَلَيْهَا تِلْكَ الأدلة.

وقد يأتي حديث موقوف لفظاً، وله حكم المرفوع، وتأتي لفظة منه تعارض الأحاديث الصحيحة الثابتة، مثاله ما روى سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبد الله بن مسعود حديثاً طويلاً موقوفاً عليه وفيه: ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة فيكون أول شافع، روح الله القدس جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقوم نبيكم ، فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود، الذي ذكره الله تعالى: ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا﴾ (٢).

أخرجه: الطيالسي (٣٨٩)، والعقيلي في " الضعفاء الكبير " ٢/ ٣١٤ - ٣١٥، والنسائي في " الكبرى " (١١٢٩٦) ط. العلمية و (١١٢٣٢) … ط. الرسالة وفي " التفسير" له (٣١٦)، والطبري في " التفسير " (١٧٠٦٣) ط. الفكر و ١٥/


(١) وقد استفدت فيما سبق في أسباب اختلاف الروايات من جواب نافع للشيخ المحدّث عبد العزيز الطريفي، وقد هذبته وزدت عليه، فبارك الله في علمه وعمره.
(٢) الإسراء: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>