للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا النماء الذي تلف تحت يده، فهو على الضامن من الغار.

[إثبات الشفعة بالشركة والطريق]

(وأما المسألة الرابعة) وهي قوله على القول بإثبات الشفعة بالشركة والطريق، هل إذا باع إنسان عقاره، وقد وقعت الحدود أن الشركة باقية في البئر والطريق ومسير الماء، هل يأخذ الشفيع المبيع كله لأجل الشركة في هذه الأمور؟ أم لا شفعة له في الطريق ومسير الماء؟

فنقول: على القول بإثبات الشفعة بالشركة في البئر والطريق، يأخذ الشفيع المبيع كله بالشركة في البئر والطريق، ولا يختص ذلك في البئر نفسها ولا بالطريق وحده، وقد نص على ذلك أحمد -رحمه لله- في رواية أبي طالب، فإنه سأله عن الشفعة لمن هي؟ فقال: للجار إذا كان الطريق واحدا؛ فإذا صرفت الطرق، وعرفت الحدود، فلا شفعة.

ويدل على ذلك ما رواه أهل السنن الأربعة من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظره بها، وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا"١.

وفي حديث جابر المتفق عليه: "الشفعة في كل ما لم يقسم؛ فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فلا شفعة"٢. فمفهوم الحديث الأخير موافق لمنطوق الأول بإثبات الشفعة إذا لم تصرف الطرق، والشركة في البئر تقاس على الشركة في الطريق لأن الشفعة إنما شرعت لإزالة الضرر عن الشريك، ومع بقاء الشركة في البئر والطريق يبقى الضرر بحاله، وهذا اختيار الشيخ تقي الدين -رحمه الله-، وهو الذي عليه الفتوى.

وأما الشفعة فيما لا ينقل وليس بعقار كالشجر إذا بيع مفردا ونحو ذلك، فاختلف العلماء في ذلك، فالمشهور في المذهب أنها لا تثبت فيه، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي. وعن أحمد رواية أخرى أن الشفعة تثبت


١ الترمذي: الأحكام (١٣٦٩) , وأبو داود: البيوع (٣٥١٨) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٩٤) , وأحمد (٣/ ٣٠٣) , والدارمي: البيوع (٢٦٢٧).
٢ البخاري: الشفعة (٢٢٥٧) , ومسلم: المساقاة (١٦٠٨) , والترمذي: الأحكام (١٣٧٠) , والنسائي: البيوع (٤٦٤٦) , وأبو داود: البيوع (٣٥١٤) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٩٩) , وأحمد (٣/ ٢٩٦,٣/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>