للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد على الجهمية القائلين بخلق القرآن، المعطلين لصفات الملك الديان، كالإمام أحمد في رده المعروف، وابنه عبد الله، وعبد العزيز الكناني في كتابه "الحيدة" وأبي بكر الأثرم والخَلال وعثمان بن سعيد الدارمي، وإمام الأئمة محمد بن خزيمة، واللالكائي، وأبي عثمان الصابوني، وقبلهم وبعدهم ممن لا يُحْصَى، وهذا كله إنما هو في القرون الثلاثة المفضلة.

ثم بعدها ظهرت كل بدعة: بدعة الفلاسفة، وبدعة الرافضة، وبدعة المعتزلة، وبدعة المجبرة، وبدعة أهل الحلول، وبدعة أهل الاتحاد، وبدعة الباطنية الإسماعيلية، وبدعة النُّصَيْرِيَّة والقرامطة ونحوهم.

[رد أهل السنة للبدع وأشهر أئمتهم في ذلك]

وأما أهل السنة والجماعة فيردون بدعة كل طائفة من هؤلاء الطوائف بحمد الله. فالأئمة متمسكون بالحق في كل زمان ومكان، والبلد الواحد من هذه الأمصار يجتمع فيها أهل السنة وأهل البدعة، وهؤلاء يناظرون هؤلاء ويُنَاضِلُونَهُم بالحُجَج والبراهين، وظهر معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"١. وقال صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يَصْلُحُونَ إذا فسد الناس"٢، وفي رواية "يُصْلِحُونَ ما أفسد الناس"٣.

وقد صنف العلماء -رحمهم الله تعالى- في بيان الثنتين والسبعين الفرقة عدة مصنفات، وبيَّنُوا ما انْتَحَلَتْهُ كل فرقة من بدعتها المخالفة لما عليه الفرقة الناجية، وليس على الفرقة الناجية شناعة ولا نقص في مخالفة هذه الفرق لها. وإنما ظهر فضل هذه الفرقة بتمسكها بالحق، وصبرها على مخالفة هذه الفِرَق الكثيرة، والاحتجاج بالحق ونصرته.

وما ظهر فضل الإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد، ومن قبلهما من الأئمة


١ مسلم: الإيمان (٥٠).
٢ مسلم: الإيمان (١٤٥) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦) , وأحمد (٢/ ٣٨٩).
٣ الترمذي: الإيمان (٢٦٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>