للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما لا تقوم به الحجة.

ولهذا كانوا يخرجون في كتبهم جميع الأحاديث الصحيحة والضعيفة والحسنة والموضوعة، وأهل الخبرة بالحديث وعلله ورجاله يميزون الحديث الصحيح من غيره، كما يميز الصيرف البصير الدراهم المغشوشة، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

فصل

[انصراف وصيته -صلّى الله عليه وسلّم- بأهل بيته إلى من في زمنه منهم]

ثم قال المعترض: (فإذا تقرر ذلك، فقد قال كثير من العلماء المحققين: إن المطلق إذا ورد صرف، وخص بالأغلب المألوف المعروف حال الورود، مثل تحريم الميتة في قوله -تعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} ١ فإنه ينصرف إلى الأكل خاصة دون الانتفاع والترطب، ولا يدخل تحريم غير الأكل بالآية بأدلة السنة، فكذلك نصنع في قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ٢ فإنه مطلق فيصرف إلى تخصيص الولاية بعلي رضي الله عنه.

ويؤيد التخصيص الإضافة؛ لتتم فائدتها وهو التخصيص، إذ هو أولى من جعلها للعموم كما ذكره المجيب؛ لأن العموم يوجب المصير إلى كون الإضافة بيانية، وهو خلاف الغالب في الإضافة، ولو جازت غلبت الولاية، وحصلت لصحابي بملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل علي عليه السلام؛ لتلقيناه بالقبول، ووضعناه على الرأس، ولا نحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله).

(فالجواب) من وجوه:

(أحدها): أن يقال: أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة، ونقضت الأصل الذي أصلت، والدلائل التي أوردت من الأحاديث التي سطرت، كحديث زيد بن أرقم في قوله: "فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي" ... إلخ. فيقول لك خصمك: هذا محمول على أهل بيته المعهودين المعروفين في زمانه، ولا يدخل فيهم من بعدهم من الذرية.

وهذا عكس مراد المعترض؛ لأنه قرر في كلامه أن أهل البيت كلهم، من كان منهم من الصحابة، ومن جاء بعدهم من ذرياتهم - أنهم كلهم داخلون في عموم هذه الآيات التي


١ سورة المائدة آية: ٣.
٢ سورة التحريم آية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>