من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى". فالواجب علينا أن نبين ما في كلامه مما يُسْخِطُ الله ورسوله من الشرك والغلو.
وأما هذا الشخص وأمثاله ممن قد مات، فيسعنا السكوت عنه؛ لأنا لا ندري ما آل أمره إليه، وما مات عليه، وقد عرفت أن كلام خالد الأزهري لا حجة فيه.
[حجة الجاهلين منامات وحكايات مجهولة عن مجهول]
وأهل الغلو والشرك ليس عندهم إلا المنامات والأحوال الشيطانية التي يحكيها بعضهم عن بعض؛ كما قال لي بعض علماء مصر: إن شيخًا مشى بأصحابه على البحر وقال: لا تذكروا غيري، وفيهم رجل ذكر الله، فسقط في البحر، فأخذ بيده الشيخ فقال: ألم أقل لكم لا تذكروا غيري!
فقلت: هذه الحكاية تحتمل أحد أمرين لا ثالث لهما: أحدهما: أن تكون مكذوبة مثل أكاذيب سَدَنة الأوثان. أو أنها حال شيطانية. وأسألك أيها الحاكي لذلك: أيكون فيها حجة على جواز دعوة غير الله؟ فأقَرَّ، وقال: لا حجة فيها على ذلك.
والمقصود أنه ليس عند الغلاة من الحجة إلا ما زَخْرَفُوهُ أو حَرَّفُوهُ أو كذبوه، وأما قال الله قال رسوله: فهذا -بحمد الله- كله عليهم لا لهم، وما حرفوه من ذلك: رُدَّ إلى صحيح معناه الذي دل عليه لفظه مطابقةً وتضمنًا والتزامًا، قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} ١.
وذكر المعترضُ حكايةً، يقول: عن غير واحد من العلماء العظام أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم والمنظومة تُنْشَد بين يديه -إلى قوله- لكن للخصم منع ذلك كله، بقوله: إنهم كفار.
(فالجواب) أن يقال: ليس هذا وجه المنع، وإنما وجهه أنها حكاية عن مجهول، وهذا من جنس إسناد الأكاذيب؛ فلو قيل: من هؤلاء العظام؟ وما أسماؤهم؟ وما زمنهم؟ وما طبقتهم؟ لم يُدْرَ عنهم، وأخبار المجهولين: لا تُقْبَلُ، شهادةً ولا روايةً يقظةً، فكيف إذا كانت أحلامًا؟ والمعترض كثيرا ما يحكي عن هيان بن بيان.