للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم قال: "من مات، وعليه صيام صام عنه وليه"١ متفق عليه.

وروى ابن عباس مثله، قال النووي في شرح مسلم بعدما ذكر هذا الحديث: اختلف العلماء فيمن مات، وعليه صوم واجب من رمضان أو نذر أو غيرهما. هل يقضى عنه؟ وللشافعي في المسألة قولان مشهوران: أشهرهما لا يصام عنه، ولا يصح عن ميت صوم أصلا. والثاني: يستحب لوليه أن يصوم عنه، ويستحب صومه عنه، ويبرأ به الميت، ولا يحتاج إلى طعام عنه. وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابه الجامعون بين الفقه والحديث، لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة.

وأما الحديث الوارد: "من مات وعليه صيام، أطعم عنه"٢ فليس بثابت، ولو ثبت أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث بأن يحمل على جواز الأمرين؛ فإن من يقول بالصيام، يجوز عنده الإطعام، فثبت أن الصواب المتعين: تجويز الصيام وتجويز الإطعام، والولي مخير بينهما.

ثم ذكر النووي عن الجمهور أنهم ذهبوا إلى أنه يطعم عنه، ولا يصام، سواء في ذلك رمضان أو النذر، والصواب فيما وجب بالنذر أنه يصام عن الميت للأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها، وإنما الإشكال في قضاء رمضان، هل الواجب فيه الإطعام، أو يكفي الصيام؟ فظاهر حديث عائشة الذي في الصحيحين إجزاء الصيام، ومن ذهب إلى الإطعام حمل حديث عائشةعلى النذر، والله أعلم.

[مدة الإقامة للمسافر]

(فائدة): قال الشيخ الإمام العلامة أبو عمر بن عبد البر: اختلفوا في مدة الإقامة فقال مالك والشافعي والليث والطبري وأبو ثور: إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم، وهو قول سعيد بن المسيب في رواية عطاء الخراساني


١ البخاري: الصوم (١٩٥٢) , ومسلم: الصيام (١١٤٧) , وأبو داود: الصوم (٢٤٠٠) والأيمان والنذور (٣٣١١) , وأحمد (٦/ ٦٩).
٢ الترمذي: الصوم (٧١٨) , وابن ماجه: الصيام (١٧٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>