للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها على هذا الكلام الذي نفت فيه أن يُحْمَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية: "بحمد الله لا بحمدك"، ولم يقل أحد هذا سوء أدب عليه صلى الله عليه وسلم.

وأخرج البيهقي بسنده إلى محمد بن مسلم: سمعت حبان صاحب ابن المبارك يقول: قلت لعبد الله بن المبارك: قول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: "بحمد الله لا بحمدك" إني لأستعظم هذا! فقال عبد الله: "ولت الحمد أهله".

وكذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده عن الأسود بن سريع: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بأسير فقال: اللهم أني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عرف الحق لأهله"١.

[الشرك بالله هضم للربوبية وتنقُّص للإلهية]

وهذا المعترض وأمثاله ادَّعوا تعظيم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قد نهى عنه من الغلو والإطراء، وهضموا ربوبية الله، وتنقَّصوا إلهيته، وأتوا بزخارف شيطانية، وحاولوا أن يكون حق الله تعالى من العبادة التي خلق لها عباده نُهْبَى بين الأحياء والأموات: هذا يصرفه لنبي، وهذا لملك، وهذا لصالح، أو غير هؤلاء ممن اتخذوهم أندادا لله، وعبدوا الشياطين بما أمروهم به من ذلك الشرك بالله، فإن عبادتهم للملائكة والأنبياء والصالحين إنما تقع في الحقيقة على مَنْ زيَّنها لهم من الشياطين، وأمرهم بها كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُون قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} ٢. ونحو هذه الآية كثير في القرآن.

ولما ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما وقع في زمانه من الشرك بالله قال: "وهذا هضم للربوبية، وتنقُّص للإلهية، وسوء ظن برب العالمين، وذكر أنهم إنما ساووهم بالله في العبادة كما قال تعالى عنهم وهم في النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ٣.

[الله يستدرج أهل الشرك بأمور تقع لهم يظنونها كرامات عقوبة لهم]

وأما ما ذكره عن خالد الأزهري، فخالد وما خالد؟ أغرك منه كونه شرح


١ أحمد (٣/ ٤٣٥).
٢ سورة سبأ آية: ٤٠، ٤١.
٣ سورة الشعراء آية:٩٧، ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>