للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسالة السابعة

[التحذير من البردة وبيان ما فيها من الشرك]

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف إلى عبد الخالق الحفظي. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فقد بلغنا من نحو سنتين اشتغالكم ببردة البوصيري، وفيها من الشرك الأكبر ما لا يخفى، من ذلك قوله: "يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك" إلى آخر الأبيات، التي فيها طلب ثواب الدار الآخرة من النبي صلى الله عليه وسلم وحده.

فأما دعاء الميت والغائب فقد ذكر الله في كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم النهي عن دعوة الأموات والغائبين بقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} ١، ولم يستثن أحدا.

والنبي صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله، وقال: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} ٢. فانظر إلى هذا الوعيد الشديد المترتب على دعوة غير الله، وخاطب به نبيه صلى الله عليه وسلم ليكون أبلغ للتحذير. فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينهاه عن ذلك، ويذكر الوعيد عليه، ويرضاه أن يفعل ذلك أحد معه، أو مع غيره -صلوات الله وسلامه عليه-؟!

ولما قال له رجل: ما شاء الله وشئت. قال: "أجعلتني لله ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده"٣. ودعوة غيره تنافي الإخلاص، الذي هو دينه، الذي لا يقبل الله دينا سواه. وذكر تعالى اختصاصه بالدعاء بقوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ


١ سورة يونس آية: ١٠٦.
٢ سورة الشعراء آية: ٢١٣.
٣ أحمد (١/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>