فتاوى أخرى من الشّيخ عبد الله بن الشّيخ محمّد -رحمهما الله- عن هذه المسائل التي وردت من سعيد بن حجي:
الأولى: في البدو إذا كان معهم أهلهم ومالهم ويتّبعون المرعى حيث وجدوه ويتّبعون الماء من أرضٍ إلى أرضٍ، فهل هم مقيمون والحالة هذه أم يجوز لهم التّرخّص كالمسافر؟
فالجواب: إنّا لا نجعلهم كالمقيمين أبدًا، ولا مسافرين مطلقًا، بل هذا محلّ تفصيل، فأمّا إذا نزلوا منْزلًا ونووا استيطانه، ما دام المرعى فيه، أو نووا الإقامة فيه وقتًا دون وقتٍ أو نزلوا على ماء ونووا الإقامة عليه ما وجدوا لدوابهم مرعى أو نووا الإقامة على هذا الماء وقتًا دون وقتٍ، فهم والحالة هذه مقيمون تثبت لهم أحكام الإقامة، ولا يستبيحون رخص السّفر؛ لأنّ هذا هو الاستيطان في حقّ هؤلاء، والعرف يشهد بذلك.
وأمّا إذا ظعنوا في هذه المسائل وما أشبهها إلى منْزل آخر، أو من ماء إلى ماء، وما بين المنْزلين، أو المائين مسيرة يومين قاصدين فإنّهم حينئذٍ يكونون مسافرين؛ لأن هذا يُسَمَّى سفرًا في حقّ هؤلاء. وكلام صاحب الإقناع على سبيل التّمثيل لا الحصر. وقد ذكروا في الملّاح الذي معه أهله وليس له نيّة الإقامة ببلدانه ليس له التّرخص فيعتبر في السّفر المبيح كونه منقطعًا لا دائمًا، ولا بدّ مع ذلك من اجتماع أمرين: أن يكون البدوي معه أهله، وأن ينوي الإقامة في موضعٍ، فإن اختل شرط منهما أبيح له رخص السّفر،