فالبدوي بمنْزلة الملّاح في السّفينة، كما أنّ الملّاح لو نوى الإقامة وهو في سفينة في موضعٍ من البحر ثم سافر إلى موضع آخر لحمل متاع أو غيره حكمنا بأنّه مسافر، ولو كان أهله معه، وهذا هو الذي يظهر لنا، ونفهم من معنى كلام الله ورسوله؛ لأنّ الله تعالى يقول:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، [النّساء، من الآية: ١٠١].
أطلق سبحانه وتعالى للمسافر قصر الصّلاة والفطر في رمضان، ولم يخصّ في ذلك القروي دون البدوي، ولا مَن معه أهله دون مَن ليس معه أهله، ولا نعلم فيما ذكرنا خلافًا بين أهل العلم.
المسألة الثّانية: إذا أعطى الوالد ولده عطية وقبضها ثم مات قبل الرّجوع والتّسوية هل للإخوة الذين لم يعطوا الرّجوع عليه بعد موت المعطي أم لا؟
الجواب: الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الرّاجح عند كثير من الحنابلة وغيرهم أنّها تثبت للمعطى ولا يرجع عليه الذين لم يعطوا شيئًا. ويكون الإثم على الوالد، وهذا هو الذي كان يفتي به شيخنا -رحمه الله تعالى-.
والقول الثّاني: أنّهم يرجعون على المعطى ويكونون فيها سواء، وهذا اختيار الشّيخ تقيّ الدّين، وهو أقرب إلى ظواهر الأدلّة. والله أعلم.
الثّالثة: عندنا امرأة أعطت أولادها الذّكور عطية دون البنات بزعم البنات .. الخ وهل الأم كالأب في وجوب التّسوية؟
فالجواب: كلام الشّارع -صلّى الله عليه وسلّم- في وجوب التّسوية شامل للأم، فإن كانت المرأة تزعم أنّها معطية البنات مثل ما أعطت الأولاد، وأمكن صدقها فحسن، ولا تعرضوا لها بشيء، فإن ثبت عندكم بأمارة أنّها بارّة الأولاد