وله أيضا -قدس الله روحه، ونور ضريحه- رسالة، وهذا صورة ما وجدته مرسوما، ووضع ما ألفيته مرقوما: كتب شيخنا عبد اللطيف بن عبد الرحمن -أدام الله إفادته- إلى بعض الولاة؛ بسبب أنه توسم فيه محبة الخير، وقبوله للنصيحة ما صورته -حفظه الله- من طوائف الشيطان، ووفقه للعلم والإيمان.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ونحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو على ما أسبغ من جزيل نعمائه، واعلم أنه إنما حملني على مكاتبتك، وابتدائك بالخطاب ما بلغني عنك من الميل إلى الإسلام والسنة ومحبة أهله ونصرتهم؛ وهذا من أجل النعم، وأفضل العطايا الإلهية والمنح الربانية. وأنت في مكان وزمان قلّ خيره، وكثر شره، وقبض فيه العلم وفشا الجهل، وكثر الجدال والمراء، وتطاول أهل البدع والأهواء، فإنْ منّ الله عليك بقبول الإسلام والسنة ونصرتهما، ومحبة أهلهما، والقيام بما أمر الله به من أداء الواجبات، وترك الفواحش والمنكرات، رجوت لك الظهور والنصر والإقبال في الدنيا والآخرة. وربما كثر لديك محب الدين والقائم به، واستأنس بك أهل الخير، وصرت حصنا ومعقلا يرجع إليه في نصرة الدين. ولعمر الله إن هذا من أفضل شعب الإيمان الواجبة، وأعلاها وأحبها إلى الله وأسناها، بل هو أفضل من نوافل العبادة القاصرة، وأين تقع النوافل؟ ومتى ينتفع بها من أهل نصرة الإسلام والسنة مع القدرة على ذلك؟ وهل يرجى الخير من رجل يرى حرمات الله تنتهك، ودينه يمتهن، وسنة نبيه تترك وتطرح، ولا يجد من نفسه حمية ولا غيرة ولا أنفة من ترك دين الله، ومن معصيته، وهجر ما جاء به رسوله من توحيد