للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النابت على الخدين والذقن. ومعنى قوله: "أعفوا اللحى"١ أي: وفروها، واتركوها على حالها.

مع أنه ورد حديث في النهي عن ذلك، فروى الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مثل بالشعر ليس له عند الله خلاق" قال الزمخشري: معناه: صيره مُثلة: بأن نتفه، أو حلقه من الخدود، أو غيره بسواد، وقال في النهاية: مثل بالشعر حلقه من الخدود، وقيل: نتفه، أو تغيره بسواد؛ فهذا الحديث ظاهره تحريم هذا الفعل والله -سبحانه- أعلم.

وقال أصحابنا: يباح للمرأة حلق وجهها وحفه، ونص الإمام أحمد على كراهة حف الرجل شعر وجهه، والحف: أخذه بالمقراض، والحلق بالموسى، فإذا كره الحف فالحلق أولى بالكراهة، ويكفي في ذلك أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "أعفوا اللحى"٢، وفي الحديث الآخر: "وفروا اللحى، خالفوا المشركين"٣.

[ضياع العبادة مع الجهل]

بسم الله، والحمد لله، وصلى -الله- على نبينا محمد.

سئل شيخنا عبد الله (أبا بطين) عن قول السيوطي على قوله -تعالى- في آخر سورة المائدة، من الجلالين: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٤ قال: "وخص العقل ذاته، فليس عليها بقادر".

فأجاب: الظاهر أن مراده: أن الرب -سبحانه- يستحيل عليه ما يجوز على المخلوق من العدم والعيب والنقص، وغير ذلك من خصائص المخلوقين، فلكون ذلك يستحيل على ذات الرب -سبحانه- عبر عنه بأنه لا يدخل تحت القدرة، وأنا ما رأيت هذه الكلمة لغيره، والنفس تنفر منها.

وقد روي عن ابن عباس حكاية على غير هذا الوجه، وهو: أن الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا، ما لنا


١ مسلم: الطهارة (٢٥٩) , والترمذي: الأدب (٢٧٦٣,٢٧٦٤) , والنسائي: الزينة (٥٠٤٦) , وأبو داود: الترجل (٤١٩٩) , وأحمد (٢/ ١٦,٢/ ٥٢,٢/ ١٥٦).
٢ مسلم: الطهارة (٢٥٩) , والترمذي: الأدب (٢٧٦٣,٢٧٦٤) , والنسائي: الزينة (٥٠٤٦) , وأبو داود: الترجل (٤١٩٩) , وأحمد (٢/ ١٦,٢/ ٥٢,٢/ ١٥٦).
٣ البخاري: اللباس (٥٨٩٢) , ومسلم: الطهارة (٢٥٩).
٤ سورة المائدة آية: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>