للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم من يرى ذلك ويفعله، ومنهم من لا يرى ذلك ولا يفعله، بل ينهى عنه ويكرهه. ولو لم يكن إلا فعل الحسن رضي الله عنه لكفى به تكذيبا لما حكاه هذا المعترض، ولكن هذا وأشباهه من أهل البدع ينتسبون إلى أهل البيت، وينقلون مذاهبهم الباطلة عنهم، فينسبونها إليهم، ويكذبون عليهم، ولا يميزون بين الصدق والكذب، فلا نقل صحيح، ولا عقل مليح، نسأل الله العفو والعافية.

فصل

(في أهواء الشيعة والخوارج في حديث الردة وحديث الوصية بآل البيت)

وأما قوله: (ولقد قرر هذا الواقع على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حذر عنه الأمة والصحابة من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم محشورون إلى الله؛ حفاة، عراة، غرلا"١ الحديث، وكذلك حديث ابن مسعود وما في معناهما، وكذلك قوله: وقد فسر هذين الحديثين للذين ذكرهما صلى الله عليه وسلم بمخالفة كتاب الله عز وجل وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجه الطبراني في "الكبير" عن زيد بن أرقم قوله صلى الله عليه وسلم "إني لكم فرط"٢ الحديث وما في معناه من الأحاديث).

فالجواب عن ذلك من وجوه:

(أحدها): أن يقال: حديث ابن عباس، وحديث ابن مسعود المتفق عليهما وما في معناهما من الأحاديث الصحيحة ٣ قد رواها أهل العلم، وفسروها بأن المراد بها الذين ارتدوا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلهم أبو بكر الصديق والصحابة معه، كأصحاب مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وطليحة، ومن معهم من قبائل العرب، فجهز أبو بكر رضي الله عنه الجيوش، وأمَّر عليهم خالد بن الوليد، وقاتلهم حتى قتل منهم على الردة جماعة كثيرة، ودخل


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٣٤٩) والرقاق (٦٥٢٤) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٠) , والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٢٣) وتفسير القرآن (٣١٦٧ ,٣٣٣٢) , والنسائي: الجنائز (٢٠٨١ ,٢٠٨٢ ,٢٠٨٧) , وأحمد (١/ ٢٢٠ ,١/ ٢٢٣ ,١/ ٢٢٩ ,١/ ٢٣٥ ,١/ ٢٥٣) , والدارمي: الرقاق (٢٨٠٢).
٢ البخاري: المغازي (٤٠٨٥) , ومسلم: الفضائل (٢٢٩٦) , والنسائي: الجنائز (١٩٥٤) , وأحمد (٤/ ١٤٩ ,٤/ ١٥٣ ,٤/ ١٥٤).
٣ التي فيها أن بعض من يرد عليه -صلى الله عليه وسلم- الحوض، تذودهم الملائكة، ويعللون طردهم بقولهم له -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لا تدري مما أحدثوا بعدك"، فيقول: "بعدا لهم وسحقا".

<<  <  ج: ص:  >  >>