للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن هذه الصفات في حق المخلوق إما جواهر وإما أعراض، وأما في حقه -تبارك وتعالى- فلا يعلمها إلا هو، بلا تفسير ولا تكييف.

(السابع) قوله: "إذ جاء قومك بالقراقر". وهو صريح التكييف والتجسيم؛ لأن ما ذكره عن أهل السنة ليس فيه تصريح بالتجسيم، وإنما يقول المخالف: إنه يلزم منه ذلك، وقد تقرر عند علماء الأصول وغيرهم أن: "لازمِ المذهبِ ليس بمذهب"، وهو نفسه ذكر أن ذلك يلزم منه التجسيم، ومنازعه يقول: لا يسلم له ذلك.

ثم في آخر كلامه، في موضع واحد يقول: "وهو صريح التجسيم"، وليس فيما ذكره عن المجيب ولا عن سلفه من أهل السنة ما هو صريح في ذلك، والصريح في ذلك أن يقول القائل: أن لله جِسما كما يقوله بعض أئمة الرَّافِضَة، كهِشَام بن الحَكَم وغيره من أهل الكوفة، كما يذكر ذلك عنهم أهل المقالات.

فاتَّقِ الله أيها الرجل، واحذر أن تكون من الذين يفترون الكذب، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} ١.

فصل

[في إبطال زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفسر الصفات]

وأما قوله -جوابا عن كلام المجيب "وهو ما درج عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم"-: (فنقول: هات لنا حديثا واحدا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعي الدلالة، متواتر المتن، أو مُتلقى بالقبول عند الأمة، بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من تفسير آيات الصفات وتأويلها؛ حتى يكون حجة لك على من خالفك في تكفيرك له. وأما أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرض للتفسير والتأويل فإنه لا يكفيك في تكفير المسلمين، مع أنا قد ذكرنا لك أن قومك قد رووا عنه صلى الله عليه وسلم التفسير والتأويل والتجسيم، فاختر لنفسك ما يحلو، ولا حول ولا قوة إلا بالله).

(فالجواب) من وجوه:

(أحدها) أن يقال: أن المجيب قد ذكر من الأدلة القاطعة من الكتاب والسنة أن الله وصف نفسه بالاستواء واليدين والمجيء والرضى والسخط


١ سورة النحل آية: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>