وأقام مسروق بالسلسلة سنتين، وهو عامل عليها يصلي ركعتين حتى انصرف، يلتمس السنة بذلك.
وعن شقيق قال: خرجت مع مسروق إلى السلسلة حين استعمل عليها؛ فلم نزل نقصر الصلاة حتى وصلنا، ولم يزل القصر في السلسلة حتى رجع، فقلت: يا أبا عائشة ما يحملك على هذا؟ قال: اتباع السنة. وقال أبو حمزة: قلت لابن عباس: إنا نطيل المقام بالغزو بخراسان فكيف ترى؟ قال: صلّ ركعتين، وإن أقمت عشر سنين، والله أعلم.
[الفطر لإنقاذ غريق أو التقوي على الجهاد]
قال ابن القيم في "البدائع": إذا رأى إنسانا يغرق فلا يمكنه تخليصه إلا بأن يفطر فهل يجوز له الفطر؟
أجاب أبو الخطاب: يجوز له الفطر إذا تيقن تخليصه من الغرق، ولم يمكنه الصوم مع التلخيص، وأجاب ابن الزاغوني: إذا كان يقدر على تخليصه أو غلب على ظنه ذلك لزمه الإفطار وتخليصه، ولا فرق بين أن يفطر لدخول الماء في حلقه وقت السباحة، أو كان يجد في نفسه ضعفا عن تخليصه لأجل الجوع حتى يأكل؛ لأنه يفطر للسفر المباح، فلأن يفطر للواجب أولى. قلت: أسباب الفطر أربعة: السفر والمرض والحيض والخوف على هلاك من يخشى عليه بصومه، كالحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، ومثله مسألة الغريق. وأجاز شيخنا ابن تيمية الفطر للتقوي للجهاد، وفعله، وأمر به لما نزل العدو دمشق في رمضان فأنكر عليه بعض المتفقهة، وقال: ليس هذا سفرا طويلا، فقال الشيخ: هذا فطر للتقوي على جهاد العدو، وأولى من الفطر لسفر يومين سفرا مباحا أو معصية، والمسلمون إذا قاتلوا عدوهم وهم صيام لم يمكنهم النكاية فيهم وهم صيام، وربما أضعفهم الصوم عن القتال فاستباح العدو بيضة الإسلام.