إبراهيم خليلا على غير مدلولها، كما ذكر ذلك أهل العلم من أهل التواريخ وغيرهم. فقد خالفت ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، والتابعون لهم بإحسان، واتبعت سبيل المبتدعة الضالين، وذممت طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكل من اتبعهم وزعمت أنها تقتضي التشبيه والتجسيم، ومدحت طريقة جهم بن صفوان، وجعد بن درهم، وزعمت أنها هي الحق الذي يجب اتباعه، ونسبتها -بجهلك- إلى رسول الله، وأهل بيته.
وقد ذكر البخاري -رحمه الله- في كتابه (خلق أفعال العباد) قصة جهم بن صفوان وجعد بن درهم، وكان جعد أخذ هذا المذهب عن الصابئين، وأخذه عنه الجهم بن صفوان. قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة، حدثني القاسم بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب، عن أبيه عن جده، قال: شهدت خالد بن عبد الله القسري بواسط في يوم الأضحى وقال: "ارجعوا وضحوا تقبل الله منكم، فإني مضح بالجعد بن درهم؛ زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، سبحانه وتعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا" ثم نزل فذبحه. قال أبو عبد الله: بلغني أن جهما كان يأخذ هذا الكلام عن الصائبة.
[فصل]
وأما قوله: فلقد فرقت بين النبي صلى الله عليه وسلم وقطعت ما وصله الله ورسوله. فهذا كذب وافتراء على المجيب، لا يمتري فيه ذو قلب منيب، وذلك أن المجيب قرر في كلامه مذهب السلف الصالح، وهو ما عليه رسول الله وأصحابه، وذكر الأدلة على ذلك من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم.
وإنما الذي قطع ما أمر الله به أن يوصل وفرق بين رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أهل البدع والضلال الذين شاقوا الله ورسوله من بعد ما تبين لهم الهدى، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، فأولئك يوليهم الله ما تولوا، ويصليهم جهنم وساءت مصيرا، ولو ادعوا اتباعهم، وانتحلوا طريقتهم كذبا وافتراء عليهم.