للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما استدلاله بهذه الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} ١، وقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ٢ الآية، فهي دعوى باطلة كدعوى الخوارج والمبغضين لعلي رضي الله عنه وأهل بيته بأن هذه الآيات فيهم، فكما أن دعواهم ظاهرة البطلان، فكذلك دعواكم.

[دعوى أن أهل السنة رضوا بسب علي رضي الله عنه]

وأما دعواه أن أهل السنة قد رضوا بسبِّ علي رضي الله عنه فكذب عليهم لا يمتري فيه أحد، بل هم ينكرون سب علي رضي الله عنه أشد الإنكار في قديم الزمان وحديثه، وهم الذين عملوا بقوله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ٣ الآية.

فصل

[لا أحد يشهد لأحد بالجنة أو النار إلا من ثبت له ذلك]

وأما قوله: (قد حكمت بدخوله الجنة).

(فالجواب): أن يقال: هذا كذب ظاهر على المجيب؛ وذلك أنه هو وسلفه من أهل السنة والجماعة لا يشهدون لِمُعَيَّنٍ بالجنة إلا لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، كالعشرة وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم-، الذين ثبتت الأحاديث في تعيينهم أنهم من أهل الجنة. وأما مَنْ سواهم فلا يشهدون له بذلك، ولكنهم يرجون لجميع المؤمنين دخول الجنة، ويخافون على مَنْ أذنب من النار، ولا يقطعون لمعين بأنه من أهل الجنة أو من أهل النار إلا من ثبت له ذلك في القرآن كأبي لهب والوليد بن المغيرة وقوم نوح، وجميع المهلكين من الأمم، ومَنْ ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[لعنهم لمعاوية يستلزم الطعن في الحسن والحسين وسائر آل البيت]

ويقال أيضا: إن كان ما قلت حقا فأول مَنْ يدخل في هذه الآيات الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وأخوه الحسين، ومن معهما من أهل البيت وربيعة ومضر وهمدان، حين انخلع الحسن لمعاوية رضي الله عنه من الخلافة، وولَّى عليها من هو عدو لله ورسوله صلى الله عليه وسلم عندكم، ووافقه على ذلك أخوه الحسين، وكل مَنْ معه من


١ سورة الممتحنة آية: ١.
٢ سورة الأنعام آية: ٦٨.
٣ سورة النساء آية: ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>