للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقوم به حجة في شيء من أبواب العلم، فكيف إذا كان إلحادا وطعنا في أصل الدين؟ وقد أجمع المحدثون على أن رواية المجهول لا تقبل كذلك، فسقط هذا القول من أصله وفسد.

وقوله: (كما ورد في أكثر موارد القرآن)، انظر إلى هذا الجهل العظيم في محاولته رد ما ورد في أكثر موارد القرآن، بقول المجهولين الذين لا يعتد بقولهم عند أحد من طوائف العلماء، وموارد القرآن يحتج بها لا يحتج عليها بقول أحد، وهي الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ١ الآية، فما وافق القرآن سواء كان نصا أو ظاهرا قبل، وما خالفه رد على من قاله كائنا من كان. فقد ارتقى هذا مرتقى صعبا بتهجينه القرآن وإبطال دلالته عنه بما زخرفه ونسبه إلى مجهولين، فسبحان الله كيف يخفى هذا على أحد؟ فمن تدبر هذا المحل تبين له ضلاله.

[وأما قوله: (فمدفوع بأن إطلاقه عليها بالنظر إلى اعتقاد عبادها).]

(فالجواب): أن هذا يبطله القرآن كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ٢. وقال: {أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} ٣ فسماها الخليل آلهة مع كونها باطلة، وكونها باطلة لا ينافي تسميتها آلهة.

كما قال موسى عليه الصلاة والسلام، لما قال له بنو إسرائيل: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٤. وقال: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا} ٥ فسماه الكليم إلها مع إنكاره عليهم ما طلبوا، وهو قد أقر فيما تقدم أن يطلق على غير الإله الحق، فتناقض؛ والإلهية المنفية في كلمة الإخلاص بدخول أداة النفي عليها، وهي لا النافية.

فالمراد بنفيها إبطالها والبراءة منها والكفر بها واعتزالها وغير ذلك مما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، فكما تسمى آلهة وأندادا وأربابا وشركاء وأولياء؛ لأن من عبدها فقد جعلها مألوهة له وجعل


١ سورة النساء آية: ٥٩.
٢ سورة الأنعام آية: ٧٤.
٣ سورة الصافات آية: ٨٦.
٤ سورة الأعراف آية: ١٣٨، ١٣٩.
٥ سورة الأعراف آية: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>