للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

[في تفضيل أهل السنة عليا على معاوية]

وأما قوله في معاوية -رضي الله عنه-: لمّا استتم له الأمر فذلت له الرقاب، افترقت الأمة إلى فرقتين: فرقة توالي معاوية باطنا وظاهرا؛ وهم الذين قاتلوا معه، وسموا أنفسهم أهل السنة والجماعة، كما أخبرت به كتب التواريخ، وبدّعوا من والى عليا وأهله.

فالجواب أن يقال: هذا من الكذب والبهتان الظاهر لكل من له معرفة بما عليه أهل السنة والجماعة، بل معاوية وأصحابه الذين قاتلوا عليا ومن معه لا يبدّعونه ولا يبدّعون من والاه، بل العلماء منهم مقرون بفضله ودينه وورعه وسابقته، وحسن بلائه في الإسلام، حتى معاوية نفسه يقر بذلك في المحافل والمجالس، كما ذكر ذلك أهل العلم في كتبهم. فروى يحيى الجعفي في كتاب صفين بإسناده: حدثني يعلى بن عبيد حدثنا أبي قال أبو مسلم الخولاني وجماعة لمعاوية: أأنت تنازع عليا؟ أم أنت مثله؟ قال: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني، وأحق بالأمر، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدمه، فأتوا عليا فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا عليا فكلموه، فلم يدفعهم إليه.

فانظر وتأمل يتبين لك كذب المعترض ونسبته إلى الصحابة ما لا يليق بهم، كذلك نسبته إلى أهل السنة والجماعة تبديع من والى عليا وأهل بيته وشيعته، فإن هذا كذب وافتراء على القوم، بل جميع أهل السنة يتولون عليا وأهل البيت، ويقدمونه على معاوية، بل وعلى من هو أفضل من معاوية، فإن الذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ومن بعد أبي بكر عمر، ثم بعد عمر عثمان، ثم بعد عثمان علي، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، وأهل السنة يعلمون أن معاوية ليس من السابقين الأولين، بل هو من مسلمة الفتح، ومن المؤلفة قلوبهم، ولكنه ممن حسن إسلامه بعد ذلك، وصار يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لما توفي

<<  <  ج: ص:  >  >>