وقد عَنَّ لي الجواب؛ لتمييز الخطأ من الصواب، فلا بد من ذكر مقدمة نافعة لتكون هي المقصودة بالذات، رجاء أن تكون سَبَبًا موصلا إلى رضوان الله، يستبصر بها طالب الهُدَى من عباد الله، وذلك بتوفيق الله الذي لا إله سواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اعلم أيها المُنْصِفُ أن دين الله القَوِيم، وصراطه المستقيم، إنما يتبين بمعرفة أمور ثلاثة، هي مدار دين الإسلام، وبها يتم العمل بأدلة الشريعة والأحكام، ومتى اخْتَلَّتْ وتَلاشَتْ وقع الخلل في ذلك النظام:
(الأمر الأول): أَنْ تَعْلَمَ أنَّ أصلَ دين الإسلام وأساسه، وعماد الإيمان ورأسه، هو: توحيدُ الله -تعالى- الذي بعث به المرسلين، وأنزل به كتابه المحكم المبين، قال تعالى:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} ١، وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله؛ فإن أصل دين الإسلام: أن لا يُعْبَد إلا الله، وأن لا يُعْبَد الله إلا بما شرع، لا بالأهواء والبدع.
وقد قال شيخنا -رحمه الله تعالى- إمام الدعوة الإسلامية، والداعي إلى الملة الحنيفية: أصل دين الإسلام وقاعدته أمران: الأمر بعبادة الله وحده، والتحريض على ذلك والموالاة فيه، وتكفير من تركه. والنهي عن الشرك بالله في عبادته، والتغليظ فيه والمعاداة فيه، وتكفير من فعله. والمُخَالِف في ذلك أنواع، ذكرها -رحمه الله تعالى-.
[نواقض التوحيد]
وهذا التوحيد له أركان وفروع، ومقتضيات وفرائض، ولوازم، لا يحصل الإسلام الحقيقي على الكمال والتمام إلا بالقيام بها عِلْمًا وعملا.
وله نواقض ومبطلات تُنَافِي ذلك التوحيد، فمن أعظمها أمور ثلاثة:
(الأول): الشرك بالله في عبادته كدعوة غير الله، ورجائه والاستعانة به، والاستغاثة به، والتوكل عليه، ونحو ذلك من أنواع العبادة، فمن صَرَفَ منها شيئا لغير الله كَفَرَ، ولم يصح له عمل، وهذا الشرك هو أعظم