للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق مداهنة، أما كان في جميع أهل الإسلام من المهاجرين والأنصار وغيرهم واحد يقول: يا معشر المسلمين، قد زالت الرقبة، وهذا الرجل علي بن أبي طالب له حق واجب بالنص عليه، وله فضل بائن ظاهر لا يمترى فيه، فبايعوه، فأمره بين أصفاق جميع الأمة أولها عن آخرها، من برقة إلى خراسان، ومن أذربيجان وأرمينيه إلى أقصى اليمن، إذ بلغهم الخبر على السكوت عن حق هذا الرجل، واتفاقهم على ظلمه، ومنعه من حقه، وليس هنالك شيء يخافونه، لإحدى عجائب المحال الممتنع، وفيهم الذين بايعوه بعد ذلك إذ صار الحق حقه، وقتلوا أنفسهم دونه.

فأين كانوا عن إظهار ما تنبهت له الروافض الأنذال بعد مائة وخمسين عاما؟ ثم مع هذا الكتمان والنسيان كيف بلغ الروافض علمه؟ ومن بلغه إليهم؟ ثم العجب إذا كان غيظهم عليه -هذا الغيظ الذي تزعمه الروافض- كذبا منهم، واتفاقهم على جحد حقه هذا الاتفاق، كيف تورعوا عن قتله ليستريحوا منه؟ أم كيف أكرموه وبروه؟ ".

انتهى ما ذكرته من كلام الإمام أبي محمد بن حزم ملخصا، وهو شاف كاف في الرد على هذا المعترض وأهل مذهبه.

فصل

{في وصف العالم الزيدي الشيعة الإمامية بالغلو كالباطنية، وإثبات غلو الزيدية دون غلوهما}

وأما قوله: (وأهل البيت وصفوة شيعهم لم يصنعوا إلا كما صنع علي، فلم يغلوا غلو الإمامية ولا الباطنية، نسأل الله العافية).

(فالجواب) أن يقال: ما ذكره هذا المعترض كاف في غلوه في حق علي رضي الله عنه وفي الكذب على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وفي قلة الحياء، ودعواه تشبه دعوى الإمامية؛ لأن دعوى الفريقين مِنْ أَبْطَلِ الباطل، وأبين المحال، وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>