للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} ١. وقوله: {وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} ٢ يعم كل شرك دقَّ أو جلَّ، كثر أو قل.

[دعوة جميع الرسل إلى عبادة الله وحده]

قال العماد ابن كثير في تفسيره: "هذا الخطاب مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم، وقوله: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} ٣ أي: عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} ٤ لا وثنا ولا صنما ولا صليبا ولا طاغوتا ولا نارا ولا شيئا، بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له". (قلت): وهذا هو معنى لا إله إلا الله. ثم قال: "وهذه دعوة جميع الرسل قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٥، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ٦". انتهى المقصود منه.

وقال -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٧ الآية: قال محمد بن إسحاق: حدثنا محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "قال أبو رافع القرظي -حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام-: أتريد يا محمد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى بن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران يقال له الرئيس: أَوَذَاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا؟ -أو كما قال- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني" أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عز وجل في ذلك {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٨ إلى قوله: {بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٩ قوله: {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١٠ أي: ما ينبغي لبشر آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة أن يقول للناس:


١ سورة الرعد آية: ٣٦.
٢ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٣ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٤ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٥ سورة الأنبياء آية: ٢٥.
٦ سورة النحل آية: ٣٦.
٧ سورة آل عمران آية: ٧٩.
٨ سورة آل عمران آية: ٧٩.
٩ سورة آل عمران آية: ٨٠.
١٠ سورة آل عمران آية: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>