في ذكر شيء من كلام أهل البيت -رضي الله عنهم- في الثناء على معاوية رضي الله عنه.
من ذلك ما أخرجه غير واحد من أهل العلم أن عليا رضي الله عنه قال:"لا تكرهوا إمارة معاوية، فإنكم لو فقدتموه لرأيتم الرؤوس تندر على كواهلها"، وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا قال له: هل لك في أمير المؤمنين معاوية أنه أوتر بركعة؟ فقال:"أصاب إنه فقيه" فهذه شهادة ابن عباس، وهو من أكابر علماء أهل البيت.
[ترك الحسن الخلافة لمعاوية وكلامه في إمامة والده]
ومن ذلك انسلاخ الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه قال أبو عمر بن عبد البر في كتاب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" في ترجمة الحسن بن علي رضي الله عنه: "كان -رحمه الله- حليما ورعا، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله". وقال:"والله ما أحب منذ عرفت ما ينفعني وما يضرني أن ألي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم". وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان رضي الله عنه والذابِّين عنه، ولما قتل أبوه علي رضي الله عنه بايعه أكثر من أربعين ألفا كلهم قد بايعوا أباه عليا قبل موته على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم في أبيه.
فبقي نحو سبعة أشهر خليفة في العراق وما وراءها من خراسان، ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه -وذكر ما جرى بينهما، إلى أن قال-: وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"١. وكان أصحاب الحسن يقولون:"يا عار المؤمنين". فيقول:"العار خير من النار" وذكر بإسناده عن أبي روق الهمداني أن أبا العريف حدثه قال: "كنا في مقدمة الحسن بن علي اثني عشر ألفا مستميتين، تقطر
١ البخاري: الصلح (٢٧٠٤) , والترمذي: المناقب (٣٧٧٣) , والنسائي: الجمعة (١٤١٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٦٢) , وأحمد (٥/ ٣٧ ,٥/ ٤٩).