للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٣٩ -

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة: إن قال: وحقّ الله، فهو يمين مكفّرة ١. هذا المذهب. وبه قال مالك والشّافعي. وقال أبو حنيفة: لا كفارة لها؛ لأنّ حقّ الله طاعاته ومفروضاته، وليست صفة له. ولنا أنّ لله حقوقًا يستحقّها لنفسه من البقاء والعظة والجلال، وقد اقترن عرف الاستعمال بالحلف بهذه الصّفة فينصرف إلى صفة الله، كقوله وقدرة الله عليه. وإذا قال: وعهد الله، فهي ١ يمين مكفّرة، وبه قال مالك. وقال الشّافعي: لا يكون يمينًا إلّا أن ينوي اليمين بعهد الله الذي هو صفته. وقال أبو حنيفة: ليس بيمينٍ، ولعلّهم ذهبوا إلى أنّ العهد من صفات الفعل فلا يكون الحلف به يمينًا. ولنا أنّ عهد الله يحتمل كلامه الذي أمرنا به ونهانا عنه لقوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}، [يّس، من الآية: ٦٠]. وكلامه قديم صفة له فوجب أن يكون يمينًا، وإذا قال: وأيم الله فهي مكفّرة؛ لأنّه عليه السّلام كان يقسم بها، وإذا قال: وأمانة الله، فهو يمين مكفّرة. قال القاضي: لا يختلف المذهب فيه، وبه قال أبو حنيفة، وإن قال: أحلف بالله أو أشهد بالله، كان يمينًا إذا ذكر اسم الله. وهذا قول عامّة الفقهاء، ولا نعلم فيه خلافًا. انتهى من الشّرح تلخيصًا.

وإذا قال: حلفت ولم يكن حلف، قال الإمام هي كذبة ليس عليه يمين. وهذا المذهب قال المصنّف والشّارح وعنه عليه كفّارة؛ لأنّه أقرّ على نفسه. انتهى من الإنصاف.

قال في "اقتضاء الصّراط المستقيم" بعد أن ذكر الكراهة في تعلّم غير


١ فيه أنّه يُذَكِّر ضمير اليمين تارة ويؤنّثه أخرى، واليمين مؤنّثة، ولعلّ الاختلاف من النّاسخ وإن تذكير الضّمير باعتبار ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>