من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم عبد الرحمن بن جربوع، وفقه الله للعمل بدينه المشروع.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته "وبعد" فنحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على سوابغ نعمه، وجزيل عطائه وكرمه، وعلى ما ألبسنا من ملابس فضله، وما اختصنا به من عظيم العطاء الذي صرفه عمن شاء بعدله. والخط وصل وصلك الله إلى ما يرضيه، ونظمك في سلك من يخشاه ويتقيه.
[حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
وأوصيك بتقوى الله، والحرص على معرفة تفاصيلها على القلوب والجوارح، فإنك في وقت كثر قراؤه، وقل فقهاؤه.
وما ذكرت من طلب الفائدة بما ورد من النصوص الشرعية الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا مما لا يخفى على آحاد العامة من المسلمين، فضلا عن الطلبة والمتعلمين. وهذا الأصل من آكد الأصول الإسلامية وأوجبها وألزمها. وقد ألحقه بعضهم بالأركان التي لا يقوم بناء الإسلام إلا عليها، وهو من فروض الكفاية، لا يسقط عن المكلفين إلا إن قام به طائفة يحصل بها المقصود الشرعي. وفرض الكفاية من فروض العين من جهة متعلقه، لأن الخطاب به لجميع الأمة، وإنما أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب للأمر بالمعروف الذي رأسه وأصله التوحيد، والنهي عن المنكر الذي رأسه وأصله الشرك والعمل لغير الله. وشرع الجهاد لذلك، وهو قدر زائد عن مجرد الأمر والنهي، ولولا ذلك ما قام الإسلام، ولا ظهر دين الله، ولا علت كلمته. ولا يرى تركه والمداهنة فيه إلا من أضاع حظه ونصيبه من العلم والإيمان. قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ