يحصل كمال الإيمان، وتنتفي الحيرة، ويحصل كمال الهداية، ويعصم القلوب أن تتيه في ربها وصفاته؛ فكل ما وصف به نفسه فلا حيرة فيه عند أهل الإيمان، الذين عرفوه بما تعرف به إليهم في كتابه، واطمأنت قلوبهم بالإيمان به، وجعلوه قصدهم ومرادهم.
وأما أهل الجدل من أهل الكلام فهم الذين تحيروا وتاهوا، كما أخبر بذلك نفر من متقدميهم، كما هو معروف لديكم بحمد الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفرق بين الرخصة والعزيمة
{وحكم الشرع فيهما}
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم صالح الشثري:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وموجب الخط إبلاغك السلام، وما أشرت إليه في تحرير قول الفقهاء في الرخصة: إنها ما ثبتت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، وضدها العزيمة. فأقول:
اعلم أن العزيمة شرعا حكم ثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارض راجح. فقوله: بدليل شرعي، احتراز عما ثبت بدليل عقلي. وقوله: خال عن معارض، احتراز عما ثبت بدليل، فالرسل وأتباع الرسل كمل الله إيمانهم بذلك العلم والعمل، فقد قال -تعالى-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} ١، فحمد نفسه بما يوجب الإيمان به ومعرفته من عظيم مخلوقاته.
لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح لأنه إن كان المعارض مساويا لزم الوقوف، وأثبتت العزيمة، ووجب طلب المرجح الخارجي. وإن كان راجحا لزم العمل بمقتضاه، وانتفت العزيمة، وثبتت الرخصة، كتحريم الميتة عند عدم المخمصة. فالتحريم فيها عزيمة لأنه