فإذا كان هذا في تفسير مشهور، وصاحبه معروف بالذكاء والفهم، فمَن دونه من المتأخرين أولى بأن لا يُتَلَقَّى من كلامه بالقبول إلا ما وافق تفسير السلف، وقام عليه الدليل.
[أفضل كتب التفاسير]
وهذا المعترض من جهله يحسب أن كل بيضاء شحمة، يُعَظِّم المفضولَ من الأشخاص والتصانيف، ولا يعرف ما هو الأفضل. ولو كان له أدنى مِسْكَة من فهم، ومعرفة للعلماء ومصنفاتهم: لعلم أن أفضل ما في أيدي الناس من التفاسير هذه الثلاثة التي نقلنا منها: تفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وتفسير الحسين بن مسعود البغوي، وتفسير العماد إسماعيل بن كثير.
فهذه أجلّ التفاسير، ومُصَنِّفُوهَا أئمةٌ مشهورون، أهل سنة ليسوا بجهمية، ولا معتزلة ولا قَدَرية ولا مجبرة، ولا مرجئة بحمد الله.
وأكثر ما في هذه التفاسير: الأحاديث الصحيحة، وآثار الصحابة، وأقوال التابعين وأتباعهم، فلا يَرغب عنها إلا الجاهلون الناقصون المنقوصون، والله المستعان.
والمصنِّفُون في التفسير وغيره -غير ما ذكر المعترض- كثيرون، وأحسن من البيضاوي وأبي السعود: البحر لأبي حيان؛ لأنه كثيرا ما ينقل في تفسيره عن السلف والأئمة، وكذلك تفسير الخازن.
وبالجملة فمن كان من المصنفين أبعدُ عن تقليد المتكلمين وذِكْر عباراتهم؛ ويعتمد أقوال السلف، فهو الذي ينبغي النظر إليه والرغبة فيه. وعلى كل حال، فليس في تفسير البيضاوي وأبي السعود وشرح القسطلاني ومواهبه ما ينفع هذا الجاهل المفتري، وَكُلٌّ يُؤْخَذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[حدوث الشرك والبدع والفرقة في الأمة]
وقول المعترض على قول المجيب: علماؤهم شَرُّ مَنْ تحت أديم السماء، فيقال: قد ورد هذا الحديث في أهل العراق، فهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كفار مجوس، أو فيما يأتي فهذه شَنَاعَةٌ على غالب علماء الأمة، ومنهم الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد وأمثالهم.