أحب إليّ من الصدقة. يعني أن الصدقة أوساخ الناس صين عنها آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصانوا عن جوائز السلطان.
وذكر عنه أيضا أنه احتج بأن جماعة من الصحابة تنْزهوا عن مال السلطان، منهم حذيفة وأبو عبيدة ومعاذ وأبو هريرة وابن عمر، قال: ولم يرَ أبو عبد الله ذلك حراما، فإنه سئل فقيل له: مال السلطان حرام؟ قال: لا. وفي رواية قال: ليس أحد من المسلمين إلا وله في هذه الدراهم حق، فكيف أقول سحت؟ وقد كان الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وكثير من الصحابة يقبلون جوائز معاوية.
قال: ولأن جوائز السلطان لها وجه في الإباحة والتحليل، فإن لها جهات كثيرة من الفيء والصدقة وغيرهما اهـ.
[أخذ العلماء أرزاقهم من بيت المال]
(قلت): وما زال العلماء في كل عصر يأخذون أرزاقهم من بيت المال ولم ينكر ذلك أحد من أهل الورع ولا غيرهم، ويرونه حلالا.
أما أولئك الظلمة الذين جاروا على أهل نجد بغيا وعدوانا، فلا ريب أن ما أخذوه كله ظلم؛ لأنهم إنما جاؤوا بالباطل والظلم والعدوان، فلا يسوغ لهم أخذ شيء مما أباح الله لولاة أهل الإسلام أخذه من زكاة وفيء أو غير ذلك، فما أخذه أولئك ظلم بحت. فلينظر في حال هذا الطاعن على أهل العلم وأمثاله، فإن كانوا قد كرهوا ما أخذه هؤلاء المسرفون المعتدون ولم يقبلوا شيئا منه ولم يبق إلا أنهم جهلوا حكم أموال الفيء، فالمصيبة أهون.
وأما إذا كانوا أخذوا من أولئك من تلك الأموال على الوجه الذي ذكرناه، فالمصيبة أعظم، وذلك أنهم حرموا على علماء المسلمين أن يأخذوا ما حل لهم، ويأخذونه من أولئك ويأكلونه حراما صرفا من غير تأويل.
وعلى كل حال؛ فإنهم لما رأوا هؤلاء الأشياخ من أقرب الناس دعوة إلى التوحيد وإرشادًا إلى طاعة ربهم واتباع نبيهم، فتوصل شرار أهل نجد بمسبتهم إلى مسبة