للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن منده، عن ابن راهويه قال: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن آدم خلق على صورة الرحمن" وإنما علينا أن ننطق به، قال القاضي أبو يعلى: والوجه فيه أنه ليس في حمله على ظاهره ما يزيل صفاته، ولا يخرجها عما ما تستحقه، لأننا نطلق تسمية الصورة عليه، لا كالصور كما أطلقنا تسمية ذات ونفس، لا كالذوات والأنفس.

وقد نص أحمد في رواية يعقوب بن يختان قال: خلق آدم على صورته، لا نفسره كما جاء الحديث. وقال الحميدي لما حدث بحديث: "إن الله خلق آدم على صورته"١ قال: لا نقول غير هذا على التسليم، والرضى بما جاء به القرآن والحديث، ولا نستوحش أن نقول كما قال القرآن والحديث.

وقال ابن قتيبة: الذي عندي -والله أعلم- أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع والعين، وإنما وقع الألف لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، هذا كلام ابن قتيبة.

وقد ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: "فيأتيهم الله في صورة غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون"٢ وفي لفظ آخر: "صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيعرفونه"٣ الحديث، فالذي ينبغي في هذا ونحوه إمرار الحديث كما جاء على الرضى والتسليم، مع اعتقاد أنه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، والله -سبحانه- أعلم.

[نهب البدو بعضهم بعضا] *

وما ذكرت من السؤال، فالمسألة الأولى وهي: نهب البدو بعضهم


١ أحمد (٢/ ٢٥١).
٢ البخاري: الرقاق (٦٥٧٤) , ومسلم: الإيمان (١٨٢).
٣ البخاري: التوحيد (٧٤٣٨) , ومسلم: الإيمان (١٨٢).
* هذه المسألة والتي تليها جزء من رسالة تقدمت في (٢/ ٣/ ١٣١)، وذكرت مستقلة أيضًا في (١/ ٦٦٧). [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

<<  <  ج: ص:  >  >>