من عبد الله بن عبد الرّحمن إلى الأخ عثمان بن عيسى زاده الله فهمًا وعلمًا ووهب لنا وله حكمًا.
سلام عليك ورحمة الله وبركاته. وبعد،
موجب الخط إبلاغك جزيل السّلام والسّؤال عن حالك أحسن الله لنا ولك والحال في الدّنيا والآخرة، والخط الشّريف وصل، وبه الأنس والسّرور حصل حيث أفاد صحّة حالكم، وإن سألت عن المحب فبخير ونعم من المولى متوافرة نسأل الله أن يوزعنا شكرها ومن حال المسألتين المسؤول عنهما.
(فالأولى): إذا نذر إنسان شيئًا معيّنًا لشخص معيّن نذر تبرر فردّه أو مات قبل قبوله أو قبله وقبضه ثمّ ردّه، فأمّا إذا ردّه أو مات قبل القبول والرّد فالّذي يظهر بطلان هذا النّذر كما تبطل الصّدقة بذلك لأنّ الصّدقة نوع من الهبّة صرح به الأصحاب كما في المغني وغيره، وهو ظاهر كلام أحمد لقوله في رواية حنبل؛ إذا تصدّق على رجل بصدقة دار وما أشبه ذلك فإذا قبضها الموهوب له صارت في ملكه انتهى.
وقد صرحوا باعتبار القبول للهبّة وأنّها تبطل بالرّد وبموت الموهوب له قبل القبول، فإذا كان هذا حكم الهبّة فالصّدقة نوع من الهبّة، وقد جعل الأصحاب حكم الصّدقة المعيّنة حكم النّذر كما نقله في القواعد عنهم ولفظه بعد كلام سبق، فإذا قال هذه صدقة تعينت وصارت في حكم المنذورة صرح به الأصحاب، لكن هل ذلك إنشاء للنّذر أو إقرار به فيه خلاف بين الأصحاب انتهى.