للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: ومن إحداثاته ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في أول السورة، فهذا كذب ظاهر، وما ذكره عن الرازي دعوى مجردة لا دليل عليها، وأيضا معارضة بما هو من أصح الأسانيد، وهو ما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها"١.

وأما تشريعه الإقامة في صلاة العيدين، فكذب ظاهر، فإن الذي أحدثه بنو أمية بعد معاوية في العيدين هو تقديم الخطبة على الصلاة كما في الصحيحين: أن أول من فعل ذلك مروان بن الحكم، فأنكر عليه أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعين.

فصل

[دعوى الزيدية العصمة لعلي كدعوى الإمامية النص على إمامته]

وأما دعواه العصمة لعلي رضي الله عنه وقوله: (قد حصل القطع بها، ولا ينكرها إلا مكابر، إلى آخره.

(فالجواب): أن يقال: (أولا) هذه الدعوي من جنس دعوى الإمامية بالنص والعصمة لعلي وأولاده، ومن جنس دعوى الباطنية، وجنس دعوى السبائية في محمد بن علي -المعروف بابن الحنفية-، وما أحسن ما قال بعضهم:

لي حيلة فيمن ينم ... وليس في الكذاب حيلة

من كان يخلق ما يقو ... ل فحيلتي فيه قليلة

وقد تقدم الجواب عن أدلته التي ذكر مفصلا مبينا، ولكن نذكر فصلا نختم به كتابنا هذا، ننقل فيه كلام أهل البيت في الرد على هذا المعترض وأشباهه؛ ليتبين الحق لمن أراد الله هدايته، وأما من أراد الله به الشقاء والخذلان، فذلك لا حيلة فيه كما قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} ٢ الآية.


١ البخاري: الأذان (٧٤٣) , ومسلم: الصلاة (٣٩٩) , والترمذي: الصلاة (٢٤٦) , والنسائي: الافتتاح (٩٠٢ ,٩٠٣) , وأبو داود: الصلاة (٧٨٢) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (٨١٣) , وأحمد (٣/ ١٠١ ,٣/ ١١١ ,٣/ ١٦٨ ,٣/ ١٧٦ ,٣/ ١٧٩ ,٣/ ٢٠٣ ,٣/ ٢٠٥ ,٣/ ٢٢٣ ,٣/ ٢٥٥ ,٣/ ٢٦٤ ,٣/ ٢٧٣ ,٣/ ٢٧٥ ,٣/ ٢٧٨ ,٣/ ٢٨٩) , والدارمي: الصلاة (١٢٤٠).
٢ سورة المائدة آية: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>