ولفظ: القبض والاستيفاء يكذب معنى التّخصيص بالجزاف، وقد ذكر الفقهاء أنّ قبض المكيل بالكيل، وقبض الموزون بالوزن، فيقال لصاحب الموازين من أين جئت بهذا، وفي أيّ كتاب وجدته، فإنّا لم نجد ذلك لأحدٍ من العلماء المتقدّمين، ولا المتأخّرين، وإنّما فسرتم ألفاظ النّصوص بما تهوونه وتحبّونه، ولم تذكروا ذلك عن أحدٍ من العلماء، فهل يكون ذلك حجّة شرعية؟ وأبلغ من ذلك أنّ مذهب محمّد بن إسماعيل البخاري وطائفة أنّ استيفاء المبيع المنقول وتبقيته في منْزل البائع لا يكون قبضًا شرعيًا، حتّى ينقله المشتري إلى مكانٍ لا اختصاص للبائع به، قال: وهو منقول عن الشّافعي.
ودليله: ما رواه أحمد عن ابن عمر: نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تبتاع السّلع حتّى يحوزها التّجار إلى رحالهم.
وفي صحيح مسلم: كنا نبتاع الطّعام ويبعث علينا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مَن يأمرنا بنقله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكانٍ سواه قبل أن نبيعه. وقد تقدم.
فيا عباد الله أين عقولكم؟ ويا طلبة العلم أين أفهامكم؟ قال الله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، [النّور، من الآية: ٦٣].
وصلّى الله على محمّدٍ وآله وصحبه وسلّم.
- ١٠ -
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال شيخنا العلّامة عبد الرّحمن بن حسن -رحمه الله تعالى وكثّر فوائده- جوابًا عن مسائل سأله عنها الفقير إلى الله عبد الرّحمن بن عدوان. قال بعد السّلام: هذا جواب المسائل:
أمّا الأولى: وهي ما إذا قبض دين السّلم قبضًا تامًّا يتمكّن من التّصرّف فيه فإنّه يجوز له أن يبيعه على مَن وافاه به مطلقًا وليست هذه صور عكس العينة.