للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

[البيع على البيع والشراء على الشراء]

(المسألة الأولى): من قال لمن اشترى بعشرة: أنا أعطيك مثلها بتسعة، أو قال لمن باع سلعة بتسعة: عندي فيها عشرة، ليفسخ البيع ويعقد معه.

فهذه المسألة لها صور: فإن الأولى تسمى: بيع الرجل على بيع أخيه، والصورة الثانية: الشراء على شراء أخيه، وفعله حرام؛ ويتصور ذلك في خيار المجلس، وخيار الشرط وهو محرم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولا يبع بعضكم على بيع بعض"١.

ومثله أن يقول: أبيعك خيرا منها بثمنها، أو يعرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري؛ ليفسخ البيع؛ ويعقد معه؛ فلا يجوز ذلك، للنهي عنه، ولما فيه من الإضرار بالمسلم والإفساد عليه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه"٢ متفق عليه. وهذا في معنى الخاطب فإن خالف وفعل: فالبيع الثاني باطل، للنهي عنه؛ والنهي يقتضي الفساد.

وفيه وجه آخر أنه يصح لأن المُحَرَّم هو عرض سلعته على المشتري، وذلك سابق على البيع ولأن النهي لحق آدمي فأشبه بيع النجش؛ وهذا مذهب أحمد. وقال الشيخ تقي الدين: يحرم الشراء على شراء أخيه، فإن فعل كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة وأخذ عوضها.

[اشتراط المشتري على البائع شرطين]

(وأما المسألة الثانية): وهي إذا اشترط المشتري على البائع شرطين: كحمل الحطب، وتكسيره: فهذه المسألة فيها قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد: أحدهما: أن ذلك لا يجوز، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي،


١ البخاري: البيوع (٢١٥٠) , ومسلم: النكاح (١٤١٣) والبيوع (١٥١٥) , والترمذي: النكاح (١١٣٤) , والنسائي: البيوع (٤٤٩٦) , وأبو داود: البيوع (٣٤٤٣) , وابن ماجه: التجارات (٢١٧٢) , وأحمد (٢/ ٣١١,٢/ ٣٦٠).
٢ البخاري: النكاح (٥١٤٢) , ومسلم: النكاح (١٤١٢) , والترمذي: البيوع (١٢٩٢) , والنسائي: النكاح (٣٢٤٣) , وأبو داود: النكاح (٢٠٨١) , وأحمد (٢/ ٢١) , ومالك: النكاح (١١١٢) , والدارمي: النكاح (٢١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>