للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أحمد أن ذلك جائز، وهو اختيار الشيخ تقي الدين، واحتج من أبطل ذلك بما روى عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع. ولا تَبِعْ ما ليس عندك"١ أخرجه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح.

واختلف أهل العلم في تفسير الشرطين المنهي عنهما، فروي عن أحمد: أنهما شرطان صحيحان ليسا من مصلحة العقد، فحكى ابن المنذر عنه وعن إسحاق فيمن اشترى ثوبا وشرط على البائع خياطته وقصارته، أو طعاما واشترط طحنه وحمله؛ إن شرط أحد هذه الأشياء فالبيع جائز.

وإن شرط شرطين: فالبيع باطل. وكذلك فسر القاضي الشرطين المبطلين بنحو هذا التفسير، وكذلك روي عن أحمد أنه فسر الشرطين أن يشتريها على أنه لا يبيعها لأحد، ولا يطأها، ففسره بشرطين فاسدين. ومحل الخلاف إذا لم يكونا من مصلحة العقد، فأما إن كانا من مصلحة العقد كالشرط والرهن والضمين: فإن ذلك يصح، اختاره الموفق والشارح والمجد وغيرهم من العلماء.

[اشترى سلعة فوجدها معيبة]

(وأما المسألة الثالثة): وهي إذا اشترى سلعة فوجدها معيبة، فقال البائع: العيب حدث عند المشتري، وقال المشتري: هي معيبة قبل الشراء، ولا بينة لهما: هذه المسألة فيها روايتان عن أحمد:

إحداهما: أن القول قول البائع مع يمينه، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، لأن الأصل سلامة البيع، وصحة العقد، ولأن المشتري يدعي أنه يستحق فسخ المبيع، والبائع ينكره؛ والقول قول المنكر.

والرواية الثانية: أن القولَ قولُ المشتري مع يمينه، فيحلف بالله أنه اشتراه وبه هذا العيب، أو أنه ما حدث عنده ويكون له الخيار؛ اختارها


١ الترمذي: البيوع (١٢٣٤) , والنسائي: البيوع (٤٦١١) , وأحمد (٢/ ١٧٤,٢/ ٢٠٥) , والدارمي: البيوع (٢٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>