للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فالجواب): أن هذا كلام مَن لا يعقل ولا يفهم شيئا ولا يفرق بين أهل السنة والجماعة وأهل البدعة والضلالة؛ ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: "لا تقوم الساعة حتى يعبد فِئَامٌ من أمتي الأوثان، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"١ رواه البرقاني في صحيحه.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن أمته ستفترق كما افترقت اليهود والنصارى فاليهود افترقت على إحدى وسبعين، والنصارى على ثنتين وسبعين، وهذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النار إلا واحدة؛ وهي الجماعة"٢.

وأول من فارق الجماعة في عهد الصحابة -رضي الله عنهم-: الخوارج قاتلهم علي رضي الله عنه بالنَّهْروان. والقدرية في أيام ابن عمر وابن عباس، وأكثر الصحابة موجودون، ومن دعاتهم معبد الجهني وغيلان القدري الذي قتله هشام بن عبد الملك. كذلك الغُلاة في عليٍّ الذين خدّ لهم علي الأخَادِيد وحَرَّقَهم بالنار، منهم المختار بن أبي عبيد الذي قتله مصعب بن الزبير، ادعى النبوة، وتبعه خلق كثير.

ثم ظهرت فتنة الجهمية، وأول من أظهرها الجعد بن درهم قتله خالد بن عبد الله القسري، والصحابة -رضي الله عنهم- والتابعون والأئمة متوافرون وقتَ ظهور مبادئ هذه البِدَع، لم يلحقهم من ضلال هذه الفرق شناعة ولا غضاضة؛ لأنهم متمسكون بالكتاب والسنة، منكرون لما خالف الحق.

[لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه]

وصح من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقَوْا ربكم"٣ سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.

وظهرت بدعة جهم بن صفوان في زمن أبي حنيفة، وأنكرها وناظرهم. وانتشرت في زمان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- والفقهاء وأهل الحديث. وامتُحِنَ الإمام أحمد فتمسك بالحق وصبر. وصَنَّفَ العلماء -رحمهم الله تعالى- المصنفات الكبار في


١ مسلم: الإمارة (١٩٢٠) , وابن ماجه: المقدمة (١٠) , وأحمد (٥/ ٢٧٨).
٢ ابن ماجه: الفتن (٣٩٩٣) , وأحمد (٣/ ١٢٠ ,٣/ ١٤٥).
٣ البخاري: الفتن (٧٠٦٨) , والترمذي: الفتن (٢٢٠٦) , وأحمد (٣/ ١٣٢ ,٣/ ١٧٧ ,٣/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>