أن الأمر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله أو أمر به، لا يقال فيه: فما فائدة الإسرار بذلك؟ بل إذا صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل شيئا أو أمر به، فلا يفعله ولا يأمر به إلا لما فيه من الفائدة العظيمة، والمصلحة العميمة، ولا يقول مثل هذا الكلام إلا من هو من أجهل الجاهلين، وأبطل المبطلين.
كيف يجوز عند من له أدنى مسكة من العقل والدين أن يصح عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل شيئا أو أمر به، ولا يكون في ذلك فائدة أصلا؟ ولكن هذا شأن أهل البدع والضلال، لا يقدرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حق قدره، نعوذ بالله من موجبات غضبه، وأليم عقابه.
فصل
[رأي الزيدية في الإمامة وغلو الإمامية والباطنية]
زعم الزيدية أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على تقديم علي في الخلافة
وأما قوله:(وقد علمنا بالتواتر المعنوي من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلن وأنذر وأفصح وأكثر في تقديم علي رضي الله عنه على غيره من الصحابة -رضي الله عنهم- في الولاية، ولكن أهل البيت بعد علمهم بتقديم علي، لم يخوضوا في جانب من تقدم إلا كخوضه رضي الله عنه من إبانة الحق للأمة، وأنه الأقدم.
والتوجع فقط في مواطن، خروجا منه عن التلبيس والمداهنة في الدين، إذ الحق لله -تعالى- فإذا هو رضي الله عنه قد فرض أنه أسقط حقه، وجب عليه إبانة ما هو لله إذ هو المولى له، فلم يسكت، بل أعلن رضي الله عنه بما يجب عليه، وأهل البيت وصفوة شيعته لم يصنعوا إلا كما صنع علي، فلم يغلوا غلو الإمامية ولا الباطنية، نسأل الله السلامة).
(فالجواب) من وجوه:
(أحدها): أن هذا من أظهر الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى علي رضي الله عنه، وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره بالأسانيد الثابتة قصة خروج علي والعباس من عند النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه حين قال الناس لعلي: "يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا. فقال له العباس -رضي الله عنه-: أنت والله بعد ثلاث عبد العصا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت. اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأله: