فيمن هذا الأمر فإن كان فينا عرفنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه، فأوصى بنا. فقال علي رضي الله عنه: إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها، لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم"١ أخرجه البخاري عن إسحاق.
أخبرنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة، حدثني أبي عن الزهري، أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، وكان كعب أحد الثلاثة الذين تيب عليهم: أن ابن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي منه، وذكر الحديث كنحو ما سقناه. وكل هؤلاء الذين رووا هذا الحديث أئمة مشاهير.
(الوجه الثاني): ما أخرجه أحمد والبيهقي بسند حسن، عن علي أنه قال -لما ظهر يوم الجمل-: "أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا، حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر، فأقام واستقام حتى مضى لسبيله، ثم إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر، فأقام واستقام، ثم ضرب الدين بِجِرَانِهِ، ثم إن أقواما طلبوا الدنيا، فكانت أمور يقضي الله فيها".
(الوجه الثالث): ما روى جمع من أهل الحديث: كالدارقطني وابن عساكر والذهبي وغيرهم: أن عليا أقام بالبصرة حين بايعه الناس، فقام إليه رجلان، فقالا له: أخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه؛ لتستولي على الأمر وعلى الأمة، تضرب بعضها ببعض، أعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهده إليك؟ فحدثنا، فأنت الموثوق به، والمأمون على ما سمعت.
فقال: "أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فلا، والله لأن كنت أول من صدق به، فلا أكون أول من كذب عليه، ولو كان عندي منه عهد في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة، وعمر بن الخطاب يثبان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُقْتَلْ قتلا، ولم يمت فجأة، ومكث في مرضه أياما وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه لصلاة، فيأمر أبا بكر، فيصلي بالناس، وهو يرى مكاني.