للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

{الأقوال والآراء في قتال الحسين -رضي الله عنه- ليزيد}

[كيفية التغيير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

وأما قوله: ومما نشأ من هذا الافتراق أن كثيرًا من علماء أهل السنة، والجماعة حكموا بأن الحسين بن علي باغ على يزيد بن معاوية.

فيقال: قد اختلف أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، وكذلك أهل البيت؛ فذهبت طائفة من أهل السنة -رضي الله عنهم- من الصحابة، فمَن بعدهم كسعد بن أبي وقاص، وأسامة ابن زيد، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-، وغيرهم، وهو قول أحمد بن حنبل، وجماعة من أصحاب الحديث، إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان -إن قدر على ذلك-، وإلا فبالقلب فقط، ولا يكون باليد، وسل السيوف، والخروج على الأئمة، وإن كانوا أئمة جور.

واستدلوا بأحاديث صحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما أخرجاه في الصحيحين، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا فمات، إلا مات ميتة جاهلية"١. وفي لفظ: "من فات الجماعة شبرا فمات، مات ميتة جاهلية"٢. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، ثم مات، مات ميتة جاهلية"٣ الحديث.

وفي صحيح مسلم عن حذيفة قال: "قلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. فقلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر فقلت: فهل بعد ذلك الخير شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، مَن أجابهم قذفوه فيها، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: نعم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: يا رسول الله،


١ البخاري: الفتن (٧٠٥٣) , ومسلم: الإمارة (١٨٤٩) , وأحمد (١/ ٣١٠).
٢ البخاري: الفتن (٧٠٥٤) , ومسلم: الإمارة (١٨٤٩) , وأحمد (١/ ٢٧٥ ,١/ ٢٩٧) , والدارمي: السير (٢٥١٩).
٣ مسلم: الإمارة (١٨٤٨) , والنسائي: تحريم الدم (٤١١٤) , وأحمد (٢/ ٢٩٦ ,٢/ ٣٠٦ ,٢/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>